لمن شيخان قد نشدا كلابا ... كتاب الله إن حفظ الكتابا
أناديه فولاني قفاه ... فلا وأبي كلاب ما أصابا
إذا سجعت حمامة بطن وج ... على بيضاتها دعوا كلابا
أتاه مهاجران تكنفاه ... عباد الله قد عقا وخابا
ركت أباك مرعشة يداه ... وأمك ما تسيغ لها شرابا
فإنك والتماس الأجر بعدي ... كباغي الماء يتبع السرايا1
ولكن كلابًا لا يحفل به، فيذهب أمية إلى المسجد يبكي لعمر ويستعطفه أن يرد عليه ابنه، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. والعقوق -في تصوره- معصية كبرى على هذه الصورة، ويعلن أنه سيشكو عمر إلى الله إذا لم يرد كلابًا:
أعاذل قد عذلت بغير قدري ... ولا تدرين عاذل ما ألاقي
فإما كنت عاذلتي فردي ... كلابا إذ توجه للعراق
فتى الفتيان في عسر ويسر ... شديد الركن في يوم التلاقي
فلا وأبيك ما بالبيت وجدي ... ولا شغفي عليك ولا اشتياقي
وإيقادي عليك إذا شتونا ... وضحكك تحت نحري واعتناقي
سأستأدي على الفاروق ربا ... له عمد الحجيج إلى بساق
وأدعو الله محتبسًا عليه ... ببطن الأخشبين إلى دفاق
إن الفاروق لم يردد كلابا ... على شيخين هامهما زواق2
وهكذا كان داعي الله أشد أثرًا وأقوى فعلًا في نفوس المجاهدين من المسلمين، طغى على كل دعوة إنسانية، سواء أكانت من أب عاجز، أم من زوجة بائسة.
1 الإصابة ج1، ص65، أسد الغابة ج1، ص116، الأغاني "ساسي" ج18، ص157، ابن سلام ص160.
2 الإصابة ج1، ص66، ياقوت ج1، ص609، الأغاني "ساسي" ج18، ص157، ابن سلام ص160.