أتى به وقتله. ونزل خالد عليهم فأظفر الله المسلمين، بعد أن أسروا رؤساء القوم، وقتلوا من التجأ إلى الحصن، عدا حلفاء تميم من كلب، فقد أجارهم عاصم بن عمرو[1].
وكان لعرب الجزيرة أن يثأروا لمقتل عقة، ولهزيمة عين التمر، فكاتبوا الفرس فخرج روزمهر وروزبه يريدان الأنبار، واتعدا حصيدًا والخنافس، وفي نفس الوقت خرج الهذيل بن عمران فعسكر بالمصيخ، بينما عسكر ربيعة بن بجير بالثني، وعلم الزبرقان بن بدر أمير الأنبار بأمر هذا الترتيب الحربي، فكاتب القعقاع أمير الحيرة الذي بعث إليه بأعبد بن فدكي السعدي، وأمره بالحصيد، وبعروة بن الجعد البارقي، وأمره بالخنافس، فخرجا فحالا بين روزمهر وروزبه ومقصديهما. وبلغت الأنباء خالدًا فحث السير إلى الحيرة؛ حيث خلف عليها عياضًا، ورمى بالقعقاع وأبي ليلى بن فدكي أمامه إلى عين التمر، فلما وافاهما وجه القعقاع إلى الحصيد وأبا ليلى إلى الخنافس؛ ليعطي القوم فرصة للتجمع حتى يقاتلهم مرة واحدة مجتمعين[2].
وسار القعقاع إلى الحصيد وعليه روزيه، فاستغاث هذا بروزمهر فأغاثه بنفسه، والتقى المسلمون بالفرس في الحصيد، فقتلهم الله شر قِتْلَة، وقتل القعقاع روزمهر، وقتل عبد الله الضبي روزبه. وسار أبو ليلى إلى الخنافس وعليها المهبوذان فانهزم أمام المسلمين دون قتال، وفر جنده إلى المصيخ، يلتحقون بمن فيها من العرب.
وعقد خالد اجتماعًا لقواده، واتفقوا على اللقاء بالمصيخ في ساعة بعينها، توافوا إليها من ثلاث جهات، فبيتوا الهذيل ومن معه، وملئوا الفضاء بجثث القتلى. ورأى خالد أن يبغت تغلب في دارها، فتقدم إلى قائديه القعقاع وأبي ليلى بأن يرتحلا أمامه، وواعدهما الغارة على تغلب في ليلة بعينها، واجتمع القواد الثلاثة من ثلاثة أوجه، فلم يكد يفلت من جيش بني تغلب أحد.
وذاعت أنباء خالد وفعاله بالقبائل وعجزها عن مقاومته، ففت ذلك في أعضاد رجال البادية بالعراق، فألقوا سلاحهم وطلبوا الأمان. وجعل خالد يسير على شاطئ الفرات فيما حوله فلا يلقى إلا الإذعان، حتى بلغ الفراض، وهي تخوم العراق والشام، [1] الطبري 1/ 4/ 2065-2067. [2] الطبري 1/ 4/ 2067-2073.