نام کتاب : فن المقالة نویسنده : محمد يوسف نجم جلد : 1 صفحه : 32
كانت في طبعتها الأولى عشرا.
وقد أعاد فيها طبع المقالات القديمة دون ما تعديل، واحتفظت بعض المقالات الجديدة بطابع الوعظ المركز، الذي يتسم بالدسامة والاحتجاز، على غرار المحاولات الأولى. إلا أن الكثرة الغالبة منها تؤرخ بداية اتجاه جديد في القالب والمحتوى. فمن حيث القالب نراه يعمد إلى كثير من التصميم والتنسيق. ومن حيث المحتوى نجد أنه يضرب صفحا عن الحكم المركزة والأقوال المأثورة، ويغادرها إلى شيء من الحديث المرسل المستفيض الذي ينضح بالحيوية والتدفق والألفة.
وهذا التطور الذي بدت مظاهره الأولى في هذه المجموعة، أصبح مذهبا واضح المعالم في المجموعة الأخيرة التي أصدرها سنة 1625، وضمنها ثمانيا وخمسين مقالة، بما فيها مقالاته التي نشرها في مجموعتيه السابقتين. وقد أجال باكون قلمه في المحاولات السابقة منقحا ومهذبا، وخاصة المقالات الجديدة في الطبعة الثانية، فقد فازت بالنصيب الأوفى من عناية الكاتب، فأجرى عليها كثيرا من التعديلات لكي تلحق بمقالاته الجديدة من حيث المادة والصياعة. وقد مثلت هذه المقالات، مفارقة كبيرة بالنسبة إلى مقالاته السابقة، حتى إنها بانت عنها في أكثر من خاصة. إذا ازداد حظها من التصميم والتنسيق والإطالة، كما ازداد نصيب الموضوعات من الإسهاب والتحليل. فضلا عن أن أسلوبه تجلى في حلة قشيبة، فأصبح أمتن أسرا وأدق تعبيرا وأوسع خيالا وأحفل بالبلاغة والزخرف والتشويق، إلا أن الفرق الظاهر الذي يطغى على كل ما عداه، هو كثرة الاستشهادات التاريخية، والاعتماد على الآراء الشخصية والتجارب الخاصة في التفسير والتوضيح والاستدلال.
وقد وصف الأستاذ العقاد مقالات باكون في هذين الطورين وأوضح
نام کتاب : فن المقالة نویسنده : محمد يوسف نجم جلد : 1 صفحه : 32