نام کتاب : فن المقالة نویسنده : محمد يوسف نجم جلد : 1 صفحه : 43
تنشر في المجلات لجمهور متباين الأذواق مختلف الاتجاهات، ولذا كان كتابها يحاولون دوما أن يضفوا عليها صفة الجماعية، لكي تلائم أكثر الأذواق. وكانت موضوعاتها تستمد من الأحداث اليومية ومن التطورات الاجتماعية التي كانت تطرأ على المجتمع آنًا بعد آن.
وكان من نتيجة نشرها في المجلات ليطلع عليها الجمهور، أن اتجهت اتجاها إصلاحيا تهذيبيا. وقد نوه ستيل وأديسون في أعداد كثيرة بهذه الغاية الإصلاحية، التي كانا يشدان إليها, وبأنهما إنما وقفا قلميهما على خدمة المجتمع ومكافحة الآفات الضارة والخرافات الشائعة بين الناس. وقد كان هذا الموقف طبيعيا من كلا الكاتبين؛ إذ كان تيار الإصلاح الاجتماعي في إنكلترا آنذاك ينحدر بقوة واندفاع، عقب تلك الحرية التي رتع في ظلالها الشعب الإنكليزي حينا بعد عودة الملكية، والتي كان من أسبابها أو نتائجها، ظهور الطبقة الوسطى واضطرابها في لجة الحياة العامة.
وثمة عامل آخر ساعد على تطور المقالة في هذا القرن، وهو انتشار المقاهي التي كانت بمثابة نوادٍ يلتقي فيها جمع وفير من أبناء الشعب، فيتناقشون في مختلف شئون الحياة من اجتماع وأدب وسياسة واقتصاد، وقد عودتهم تلك المناقشات أن يستقلوا بتفكيرهم، وأن يكونوا آراءهم الخاصة في مختلف الشئون التي تعرض لهم. واتجهوا نتيجة لذلك، إلى التبسط في الحديث والترخص في اللغة وأسلوب المحاورة. وكانت مقالة المجلات، بحكم طبيعتها ونوعها، التعبير الصحيح عن هذا الاتجاه من مختلف نواحيه الفكرية والأدبية. وكان كتابها يؤمون هذه المقاهي، ويشاركون في مثل تلك المناقشات، ليتصيدوا النماذج الحية، والصور الفكهة التي ينقلونها إلى صحفهم بعد أن يجيلوا فيها أقلامهم بالتشويه
نام کتاب : فن المقالة نویسنده : محمد يوسف نجم جلد : 1 صفحه : 43