نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر جلد : 1 صفحه : 209
يا نفس لا تجزعي فالخير منتظر ... وصاحب الصبر لا تبلى مرائره
لعل بلجة نور يستضاء بها ... بعد الظلام الذي عمت دياجره
إني أرى أنفسًا ضاقت بما حملت ... وفي الجديدين ما تغنَّى فواقره
شهران أو بعد شهر إن هي احتدمت ... وفي الجديدين ما تغني فواقره
فإن أصبت فمن رأي ملكت به ... علم الغيوب، ورأي المرء ناظره
وقد ذكرنا فيما سبق كيف أن البارودي كان من زعماء الثورة، وأنه كان يطمع في الانقلاب، ولكن لما رأى التيار عنيفًا، وتدخلت فرنسا وإنجلترا، أحجم وتردد ونصح لقومه فلم ينتصحوا، ولم يكن بدًّا من السير في الشوط حتى الغاية، وللبارودي في إبَّان الثورة، وبعدها شعر ملتهب حمية وحماسة وتمردًا على الظلم، أنصت إليه وهو يحرض المصريين على الثورة, ويهيب بهم ألا يستكينوا للحاكم المستبد، ويصور لهم نفوسهم العاجزة الضعيفة بقوله:
فيا قوم هبوا إنما العمر فرصة ... وفي الدهر طرق جمة ومنافع
أصبرًا على مس الهوان وأنتم ... عديد الحصى؟ إني إلى الله راجع
وكيف ترون الذل دار إقامة ... وذلك فضل الله في الأرض واسع
أرى أرؤسًا قد أينعت لحصادها ... فأين ولا أين السيوف القواطع؟
فكونوا حصيدًا خامدين أو افزعوا ... إلى الحرب حتى يدفع الضيم دافع
أهبت فعاد الصوت لم يقض حاجة ... إليّ، ولباني الصدى، وهو طائع
فلم أدر أن الله صور قلبكم ... تماثيل لم يخلق لهن مسامع
فلا تدعوا هذي القلوب، فإنها ... قوارير محنيٌّ عليها الأضالع
نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر جلد : 1 صفحه : 209