responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر    جلد : 1  صفحه : 278
ولقد أرغم خصومه على احترامه بصراحته وجرأته، ولقد رأيت كيف ضاقوا به ذرعًا في كل مكان؛ لأنه كان حربًا على الجهل والظلم والقسوة والطغيان، ولقد أقرَّ له الغربيون بالفضل, حتى لقد قال عنه "رينان" وهو من هو في كراهته للمسلمين: "ولقد يخيل إليَّ من حرية فكر الأفغاني ونبالة شيمه وصراحته -وأنا أتحدث إليه- أني أرى أحد معارفي من القدماء وجهًا لوجه، وأني أشهد ابن سينا وابن رشد, أو واحدًا من العظام الذين ظلوا قرونًا عدة يعملون على تحرير الإنسانية من الإسار".
أسلوبه في الكتابة:
لم يكن جمال الدين مفطورًا على اللغة العربية مطبوعًا على أساليبها الفصيحة؛ لأنها ليست لغته الأولى، وإنما تعلمها تعلمًا، ولم يكن حظه من آدابها كثيرًا، ولم يتذوق منازع بلاغتها بقدر كبير، ولكنه أفادها فائدةً جليلةً بإرشاد تلاميذه إلى التحرر من القيود الثقيلة التي كانت ترسف فيها الكتابة الإنشائية من محسنات بديعية مختلفة، وسجعٍ متكلَّفٍ ممقوت، واستعاراتٍ غريبة, وغير ذلك مما أفسد المعنى وستر الأفكار عن الوضوح والجلاء؛ كما أرشدهم إلى تجنب المقدمات الطويلة؛ وطبعي أن يصرفهم إلى الاهتمام بالمعاني؛ لأن هناك أشياء كثيرة يريدون الإبانة عنها، والإفاضة فيها، ولا يتسع هذا النثر المقيد لكل تلك المعاني, ولا يستطيع إيضاحها كاملة, ولقد رأيت فيما سبق نماذج من هذا النثر دبجها تلاميذه، مثال: محمد عبده وأديب إسحاق، وقد قال أديب عن أسلوبه الذي تاثَّر فيه بتعاليم جمال الدين: "رأيت أن أصرف العناية والاجتهاد إلى تهذيب العبارة، وتقريب الإشارة؛ لتقرير المعنى في الأفهام، ومن أقرب وأعذب وجوه الكلام، وانتقاء اللفظ الرشيق للمعنى الرقيق، متجنبًا من الكلام ما كان غريبًا وحشيًّا أو مبتذلًا سوقيًّا، فإن التهافت على الغريب عجز، وفساد التركيب بالخروج عن دائرة الإنشاء داء إذا سرى في القراء والمطالعين أدى إلى فساد عام، وأغلق على الطلبة معاني كتب العلم، والتنازل إلى ألفاظ العامة يقضي بإماتة اللغة وإضاعة محاسنها، وإن في لغة القوم لدليلًا على حالهم".

نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر    جلد : 1  صفحه : 278
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست