responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر    جلد : 1  صفحه : 279
هذا الوصف الذي ذكره أديب إسحق لنثره, هو أثر من تعاليم جمال الدين, وسترى من النموذج الذي سأعرضه عليك من نثره أن جمال الدين -وإن لم يكن من المطبوعين على أساليب العربية الجميلة، إلّا أنه كان ينتزع البلاغة انتزاعًا, فترى لقلمه سطوةً لا تراها لكثير من الأقلام، وقد مر بك ما قاله الشيح محمد عبده في قدرته على تفتيق المعاني والاحتفال بها، ومن مزايا أسلوبه كثرة الجمل الاعتراضية، والفصل بين فعل الشرط وجوابه, أوالمسند والمسند إليه بفواصل طويلة، وهذا ناشئ من ترتيب فكره, وتعوده على الأساليب الفارسية الأعجمية، كما كانت لديه جرأة في استعمال القياس في اللغة, فيأتي بمجموعٍ لم يعرفها العرب, وصيغ لم تسمع في لغتهم, وكان من مستلزمات كتابته, وأثر عجمته, إدخال "الـ" على الأعلام.
هذا وقد وفينا موضوعات النثر في ذلك العصر حقها من الكلام، وبينَّا الأسلوب الذي تميَّزَ به كلٌّ منها، فألق عليها نظرة لتقف على أسلوب جمال الدين، فقد كان المرشد للكُتَّاب، وإن لم يكتب هو إلّا القليل، ومن هذا القليل الرسالة الآتية التي بعث بها إلى عبد الله باشا فكري يعتب عليه، وقد بلغه أن رجلًا ذمه أمام الخديو على مسمعٍ من فكري باشا, فسكت ولم يدفاع عنه، وهي من النوع الأدبيّ, ولذلك احتفى بأسلوبها أيما احتفاء، وفيها تتجلى خصائص أسلوبه عامة.
"مولاي. إن نسبتك إلى هوادة في الحق وأنت -تقدست جبلتك- فطرت عليه، وتخوض الغمرات إليه، فقد بعت يقيني بالشك، وإن توهمت فيك حيدانًا عن الرشد, وجورًا عن القصد, وأنا موقنٌ أنك ما زلت على السداد غير مفرطٍ في الحق ولا مفرط، فقد استبدلت علمي بالجهل, ولو قلت: إنك من الذين تأخذهم في الحق لومة لائم، وتصدهم عن الصدق خشية ظالم، وأنت تصدع به غير وانٍ ولا ضجر، ولو ألب الباطل الكوراث المردية، وأرى عليك الخطوب الموبقة لكذبت نفسي وكذبني من يسمع مقالتي؛ لأن العالم والجاهل، والفطن والغبي كلهم قد أجمعوا على طهارة سجيتك, ونقاوة سريرتك, واتفقوا على أن الفضائل حيث أنت، والحق معك أينما كنت, لا تفارق المكارم ولو اضطررت، وأنت مجبول على الخير لا

نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر    جلد : 1  صفحه : 279
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست