responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر    جلد : 1  صفحه : 368
ومن المشكلات الاجتماعية التي أثيرت في هذه الفترة، وكان لها دويٌّ عظيمٌ مسألة الحجاب والسفور، ومركز المرأة في المجتمع، ولقد أدّى اختلاطنا الشديد بالأجانب، وتطعلنا إلى محاكاتهم في كل شيء، والسير على نهجهم في مدنيتهم إلى ظهور هذه المشكلة، وكان بعض المفكرين يرى سفور المرأة المسلمة ومساواتها بالرجل في كل شيءٍ مغالاةً منهم في المحاكاة, ولكنهم لم يجرءوا على الجهر بآرائهم أمام جمهور المسلمين في ذاك الوقت؛ لتمكن عادة الحجاب من النفوس، حتى ظهر قاسم أمين[1], فنشر كتابيه "تحرير المرأة" و"المرأة الجديدة"، وقد كان لهما أثر بليغ في الحياة المصرية، وإن لم يظهر هذا الأثر سريعًا، بل ظلت المرأة مدة يتجاذبها السفور تارةً والحجاب تارةً، حتى خلعته أخيرًا, ولم يعد له أثر إلّا في بيئات محدودة.
أما "الأدب" وهو الذي يعنينا في كتابنا هذا أكثر من سواه، فقد اشتدت فيه حركة التعريب، ولا سيما الروايات والقصص، وقد عرفت فيما سبق أن الكلية الأمريكية ببيروت أسست سنة 1860, ثم أسست الكلية اليسوعية بعدها بقليل، وقد كان لهاتين الكليتين أثرٌ بارزٌ في توجيه النشء إلى القصة الغربية، ولما هاجر كثير من نصارى لبنان إلى مصر؛ حيث الحرية والشهرة والثورة, أخذ هؤلاء المهاجرون يترجمون القصص الأوربيّ ويذيعونه في الناس، وكانت بيروت قد شهدت من قبل قيام "مارون نقاش" يؤلف بعض المسرحيات أو يقتبسها من الأدب الغربيّ؛ مثل مسرحية: "البخيل" لـ "موليير"، وكان يدعو فنه هذا "الذهب الإفرنجي المسبوك" وكان لمارون ابن أخٍ اسمه سليم نقاش, رحل بعد موت عمه إلى مصر، وسعى فيها حتى أنشأ مسرحًا وفرقةً، وظهر بمصر في ذلك الوقت رجل يهوديّ اسمه "يعقوب صنوع", أسس مسرحًا عربيًّا بالقاهرة ترجم له عشرات

[1] من أصل كردي, نزح أبوه إلى مصر في عهد إسماعيل، وانتظم في الجيش المصريّ, وارتقى إلى رتبة أميرلاي؛ وولد قاسم بمصر, ودرس القانون، وتولَّى مناصب القضاء, حتى صار مستشارًا بالاستنئاف, وتوفي سنة 1908, والمرأة الجديدة مدينة إليه بالشيء الكثير, فهو الذي شقَّ لها طريق التحرر كما تريد, وإن لم يكن أول من نادى بذلك، فقد عرفنا أن رفاعة الطهطاوي نادى بتحرير المرأة وتعليمها، ولكن الزمن والبيئة والأمة كانت كلها غير متسعدة لتلبية دعوته حينذاك, فلما أتى قاسم أمين وجد من المسلمين من يستجيب له، وقد سارت المرأة في سفورها شوطًا بعيدًا أكثر مما قَدَّرَ قاسم أمين أو أراد.
نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر    جلد : 1  صفحه : 368
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست