نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر جلد : 1 صفحه : 409
2- المقالة والصحافة:
وإذا كان القرن التاسع عشر قد انقضى، ولم تحتل فيه القصة العربية الموضوعة مكانها في عالم الأدب، وكان أغلب القصص التي تطبع مترجمة من شتّى اللغات، فإن المقالة منذ بدأت الصحافة العربية بإنشاء الوقائع المصرية، ثم روضة المدارس، ثم الجرائد اليومية والمجلات الأسبوعية، وقد صارت عماد الكُتَّاب والأدباء والقالب المعتاد الذي يصبون فيه أفكارهم، وينشرونها بين الناس.
وليست المقالة غريبةً عن الأدب العربي القديم، وإن تغيرت صيغها وشروطها، فعبد الحميد الكاتب حين تكلم عن الشطرنج أو الصيد أو الكتابة, كان يكتب شيئًا قريبًا من المقال، والفصول الأدبية التي أنشأها الجاحظ في كتبه: البخلاء, والمحاسن, والأضداد، والحيوان, والبيان والتبيين، مقالات مطولة تنقصها شروط المقالة الحديثة، وإن كان هذا القول لا يرضي بعض النقاد، بل إنهم لا يوافقون على المقالة الأدبية التي يدبجها الكتاب اليوم إذا قاسوها بمقاييس النقد الأجنبية، ويتطلبون من المقالة أن تكون "على غير نسق من المنطق، وأن تكون أقرب إلى قطعة مشعثة من الأحراش الوحشية منها إلى الحديقة المنسقة المنظمة" ويحتجون بتعريف "جونسون" ومكانته من الأدب الإنجليزي في الذورة العليا للمقالة الأدبية بـ "أنها نزوة عقلية لا ينبغي أن يكون لها ضابط من نظام، هي قطعة لا تجري على نسق معلوم، ولم يتم هضمها في نفس كاتبها"[1] ويطبقون هذا القول على المقالة الأدبية في مصر؛ فيرون ألا يكون لها نقط ولا تبويب ولا تنظيم.
وهذا لعمري شرط لا يوافق عليه الأدباء في كل أنحاء العالم, فقد تغيرت المقالة منذ عهد "جونسون" في القرن الثامن عشر حتى اليوم, ومنذ أن قال "بيكون" يصف مقالاته: "إنها ملاحظات مختصرة كتبت من غير اعتناء" واشترط النقاد في المقالة شروطًا أخرى غير تلك التي سار عليها "جونسون أو بيكون" ورأوا أن الكاتب ملزم بالتفكير فيما يريد أن يكتب قبل أن يتناول القلم. [1] الدكتور زكي نجيب محمود في مقدمة كتابه أدب المقالة.
نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر جلد : 1 صفحه : 409