نام کتاب : في تاريخ الأدب الجاهلي نویسنده : الجندي، علي جلد : 1 صفحه : 176
وتحقيق، وقد أوردنا فيما سبق بعض ملاحظاته عن محمد بن إسحاق صاحب السيرة النبوية، ومما يقوله عن انتحال الشعر[4]: "فلما راجعت العرب رواية الشعر، وذكر أيامها ومآثرها، استقل بعض العشائر شعر شعرائهم، وما ذهب من ذكر وقائعهم، وكان قوم قلت وقائعهم وأشعارهم، وأرادوا أن يلحقوا بمن له الوقائع والأشعار فقالوا على ألسنة شعرائهم، ثم كان الرواة بعد، فزادوا في الأشعار، وليس يشكل على أهل العلم زيادة ذلك، ولأن ما وضع المولدون ... وإنما عضل بهم أن يقول الرجل من أهل بادية من ولد الشعراء أو الرجل ليس من ولدهم، فيشكل ذلك بعض الإشكال". فهو بهذا النص يبين أن الشعر الجاهلي قد وجد به شيء من الدخيل، الذي صنع ونسب إلى غير قائليه، ثم بين أسباب ذلك، وأرجعها إلى رغبة القبائل في الاستكثار من شعرها. وزيادة الرواة على ما كانوا يروون من محفوظ لديهم. ولكنه لم ينس أن يذكر الفضل لذويه، فاعترف بأن أهل العلم، بفطنتهم وخبرتهم، وعلمهم وذوقهم، كانوا يستطيعون أن يعرفوا الحقيقة، ويميزوا بين الأصيل والدخيل.
وكتابه فيه كثير من الملاحظات والتعقيبات على الشعراء الجاهليين وأشعارهم. من ذلك مثلا قوله، وقد أوردناه سابقًا: "ومما يدل على ذهاب الشعر وسقوطه، قلة ما بقى بأيدي الرواة المصححين لطرفة وعبيد، اللذين صح لهما قصائد بقدر عشر. ونرى أن غيرهما قد سقط من كلامه كلام كثير، غير أن الذي نالهما من ذلك أكثر، وكانا أقدم الفحول، فلعل ذلك لذاك، فلما قل كلامهما حمل عليهما حمل كثير"5.
وقال عن عدي بن زيد "كان يسكن الحيرة ومراكز الريف، فلان لسانه وسهل منطقه، فحمل عليه شيء كثير، وتخليصه شديد، واضطرب فيه خلف وخلط فيه المفضل"6.
وقال عن حسان بن ثابت: "كثير الشعر جيده، وقد حمل عليه ما لم يحمل على أحد، لما تعاضهت قريش، واستبت، وضعوا عليه أشعارًا كثيرة، لا تليق به"7.
ولم يغفل ابن سلام حق الرواة، فذكر كثيرًا من الملاحظات التي تتصل ببعضهم، من
1 طبقات فحول الشعراء، ص4. المزهر جـ1 ص174.
2 طبقات الشعراء ص10.
3 المصدر السابق، ص31. [4] المصدر السابق، ص52.
نام کتاب : في تاريخ الأدب الجاهلي نویسنده : الجندي، علي جلد : 1 صفحه : 176