نام کتاب : في تاريخ الأدب الجاهلي نویسنده : الجندي، علي جلد : 1 صفحه : 177
ذلك ما أورده[8] -وقد ذكرناه سابقا- عن أبي عبيدة مع داود بن متمم بن نويرة حين قدم البصرة في بعض ما يقدم له البدوي، في الجلب والمبرة.
وكذلك قوله:9 "أخبرني أبو عبيدة عن يونس قال، قدم حماد البصرة على بلال بن أبي بردة، وهو عليها، فقال: ما أطرفتني شيئًا، فعاد إليه، فأنشده القصيدة التي في شعر الحطيئة مديح أبي موسى، قال: ويحك، يمدح الحطيئة أبا موسى ولا أعلم به، وأنا أعلم شعر الحطيئة؟ ولكن دعها تذهب في الناس"[10].
وإذا كان ابن سلام قد رأى بعد بحثه ودراسته أن هناك في الشعر ما هو مختلق ومنتحل، وفي الرواة من هو ثقة عدل ومن هو متهم، فقد انتهى إلى أن أهل العلم والدراية لم يكن ليشكل عليهم ما زاده الرواة ولا ما وضعه المولدون، ومن ثم، فعلينا أن نقبل ما قبله الثقات، وأن نرفض ما رفضوه، وفي ذلك يقول[11]: "وفي الشعر المسموع مفتعل موضوع كثير، لا خير فيه ولا حجة في عربيته ولا أدب يستفاد، ولا معنى يستخرج ولا مثل يضرب، ولا مديح رائع، ولا هجاء مقذع، ولا فخر معجب ولا نسيب مستطرف، وقد تداوله قوم من كتاب إلى كتاب، لم يأخذوه من أهل البادية، ولم يعرضوه على العلماء، وليس لأحد، إذا أجمع أهل العلم والرواية الصحيحة على إبطال شيء منه، أن يقبل من صحيفة، ولا يروي عن صحفي. وقد اختلف العلماء في بعض الشعر كما اختلفت في بعض الأشياء، أما ما اتفقوا عليه، فليس لأحد أن يخرج عنه".
فهو هنا يعتقد بوجود دخيل في الشعر، فقد افتعل وصنع صنعًا، ووضع على غير قائليه، وأن هذا الدخيل لا قيمة له، ومن الممكن تبينه ومعرفته لخلوه من نواحي الروعة والجمال في شتى الأغراض الشعرية، وأنه لم يكن مما رواه أهل الثقة عن مصادر موثوق بها من أهل البادية، ويرى أن الثقات من العلماء والرواة ينبغي أن يكونوا محل ثقة منا، فنقبل منهم كل ما ارتضوه، ونرفض كل ما رفضوه. [8] المصدر السابق ص14. والمزهر 1 ص175.
9 المصدر السابق 15، والمزهر ج1 ص176. [10] هذا مايقوله ابن سلام، ولكني ما زلت أعتقد أن حمادًا لم يكن شاعرًا كما أوضحت ذلك في كلامي عن حماد.
ولعل هذه القصيدة للحطيئة أو لغيره، واستغل حماد جهل بلال بصاحبها فادعاها لنفسه أو تظاهر بموافقة بلال بتركها تذيع باسم الحطيئة. [11] ابن سلام: 5-6.
نام کتاب : في تاريخ الأدب الجاهلي نویسنده : الجندي، علي جلد : 1 صفحه : 177