نام کتاب : في تاريخ الأدب الجاهلي نویسنده : الجندي، علي جلد : 1 صفحه : 19
ومن مدن الحجاز يثرب، وكانت شمالي مكة على بعد ثلاثمائة ميل، وهي من البلاد القديمة الوضع والتأسيس، ففي كتاب نشر المحاسن اليمانية كانت مدينة يثرب للعرب، فخرج إليها قوم من بني إسرائيل في زمن موسى بن عمران عليه الصلاة والسلام ففتحوها من العرب العاربة، وقتلوا ملكًا لهم يسمى الأرقم وأقاموا فيها ما شاء الله. حتى افترقت الأزد من مأرب في حادثة سيل العرم، فنزل الأوس والخزرج يثرب على الإسرائيليين ولهم ملك يقال لهم القطيعون فقتلوه، وكان قاتله سيد الحيين أعني الأوس والخزرج واسمه مالك بن العجلان. وهو ابن عم سالم بن عوف الخزرجي، فلما قتل الملك وقعت الصيحة باليهود، فقتلوهم أبرح القتل، وأبقوا منهم بعض القوم لعمارة الأراضي[18] ويرى الدكتور جواد علي أنه ليس هناك سند على ما يرويه الأخباريون عن مجيء اليهود إلى يثرب في أيام موسى، ويقول: "أما ما يرويه بعض يهود الحجاز عن مجيء اليهود إلى المدينة عند ظهور ملك الروم على إسرائيل ففيه شيء من الحق"[19]. ويثرب تقع في وادٍ خصب تكتنفه المرتفعات، وتكثر فيه الآبار والعيون فكان جوها معتدلًا وكثرت فيها الزروع والأشجار والنخيل والثمار والخيرات فكانت من أمهات المراكز الزراعية ببلاد العرب.
وفي الحجاز كذلك الطائف، وهي على بعد خمسة وسبعين ميلًا من الجنوب الشرقي لمكة على ارتفاع ستة آلاف قدم، وتعتبر بستان مكة، ولفواكهها شهرة عظيمة، وكانت تنزلها قبيلة ثقيف، وكانت مصيفًا طيبًا للقرشيين، وقد عد الهمداني في كتابه "صفة جزيرة العرب" الطائف من تهامة اليمن، وقال إنها كانت مشهورة بالدباغ. وكانت حاصلاتها تشمل العسل والبطيخ والموز والعنب والتين والزيتون والخوخ والسفرجل واشتهر وردها بالعطر الذي كان يمد أهل مكة بما يحتاجون إليه من الطيب[20].
ومن بلاد الطائف عكاظ، وهي نخل في واد بينه وبين الطائف ليلة وبينه وبين مكة زادها الله تعالى شرفًا ثلاث ليالٍ، وبه كانت تقوم سوق العرب بالابتداء وبه كانت أيام الفجار، وكانوا يطوفون بصخرة هناك ويحجون إليها. وذو المجاز: ماء من أصل كبكب وهو لهذيل.
وقال أبو عبيدة الواقدي، عكاظ بين نخلة والطائف وذو المجاز خلف عرفة، ومجنة بمر [18] بلوغ الأرب جـ1 ص 189. [19] تاريخ العرب قبل الإسلام: جـ4 ص 182. [20] تاريخ العرب لفيليب حتى، جـ1 ص143.
نام کتاب : في تاريخ الأدب الجاهلي نویسنده : الجندي، علي جلد : 1 صفحه : 19