نام کتاب : في تاريخ الأدب الجاهلي نویسنده : الجندي، علي جلد : 1 صفحه : 190
أخذ الأزلام مقتسمًا ... فأبى أغواهما زلمه
عند أنصاب لها زفر ... في صعيد جمة أدمه36
وقول النابغة الذبياني:
فلا لعمر الذي مسحت كعبته ... وما هريق على الأنصار من جسد
ما قلت من سيئ مما أتيت به ... إذا فلا رفعت سوطي إلي يدي37
وقال جابر بن حني التغلبي النصراني، وكانت النصرانية لا تبيح سفك الدم:
وقد زعمت بهراء أن رماحنا ... رماح نصارى لا تخوض إلى دم
وقول امرئ القيس:
فأدركنه يأخذن بالساق والنسا ... كما شبرق الولدان ثوب المقدس
فهذا يشير إلى أن رجال الدين الرهبان كان يتبرك بهم، فالمقدس هو الراهب، وكان إذا نزل إلى صومعته يجتمع الصبيان إليه، فيخرقون ثيابه، ويمزقونها تمسحًا به وتبركًا[38]. وأمثلة ذلك كثيرة من الأبيات المنتثرة في ثنايا القصائد يشير كل منها إلى عقيدة، أو شعيرة دينية. ولكنا لن نجد قصيدة كاملة خالصة في الشعور الديني، للأسباب المتقدمة: كما حفظت كتب التاريخ والأدب كثيرًا من الأبيات للمشركين والكفار وبخاصة إبان الدعوة الإسلامية وأيام الغزوات[39].
ثم ينتقل الدكتور طه حسين إلى ناحية أخرى، فيقول[40]: "ولكن القرآن لا يمثل الحياة الدينية وحدها، إنما يمثل شيئًا آخر غيرها لا نجده في هذا الشعر الجاهلي: يمثل حياة عقلية قوية، يمثل قدرة على الجدال والخصام أنفق القرآن في جهادها حظًّا عظيمًا، أليس القرآن قد وصف أولئك الذين كانوا يجادلون النبي بقوة الجدال، والقدرة على الخصام، والشدة في المحاورة؟ وفيم كانوا يجادلون ويخاصمون ويحاورون؟ في الدين وفيما يتصل بالدين من هذه
36 الزلم: واحد من الأزلام. الصعيد: التراب. الأنصاب: الحجارة التي كانوا يذبحون عندها. جمة: كثيرة. أدمه: جلوده، أي جلود ما حمل الرجل إلى الأنصاب.
37 أديان العرب، ص174. [38] ديوان امرئ القيس، ص104، ب14. [39] راجع كتب السيرة والأغاني وغيره من كتب الأدب مثل طبقات الشعراء لابن سلام عند الكلام على الشعراء الكفار كأمية بن أبي الصلت وابن الزبعرى قبل إسلامه. [40] في الأدب الجاهلي، ص173.
نام کتاب : في تاريخ الأدب الجاهلي نویسنده : الجندي، علي جلد : 1 صفحه : 190