نام کتاب : في تاريخ الأدب الجاهلي نویسنده : الجندي، علي جلد : 1 صفحه : 216
الأيام وسواد الليالي؟ " ثم يستمر فيقول[68]: "وهذا النحو من التكلف والنحل للأغراض التعليمية الصرفة كان شائعًا في العصر العباسي، ولا سيما في القرن الثالث والرابع.. ومثل هذا كثير شعرًا ونثرًا وسجعًا، نجده في الأمالي والعقد الفريد وديوان المعاني لأبي هلال، وغيرها من الكتب، وأكاد أعتقد أن هذا النحو من النحل هو أصل المقامات، وما يشبهها من هذا النوع من أنواع الإنشاء".
حقيقة استخدمت كثير من الأبيات والعبارات العربية القديمة للاستدلال بها على تفسير لفظ، أو استخدام كلمة في معنى، أو الاستدلال على قاعدة، في كثير من العلوم، فتساق هذه المأثورات القديمة استشهادًا بها على المراد توضيحه من مثل الأغراض السابقة.
والباحثون والمؤلفون في العلوم العربية والإسلامية حينما يستشهدون لا يقتصرون في استشادهم على أبيات الشعر، إنما كل ما كان يحضرهم، أو يعلمونه، ويرونه مناسبًا لغرضهم كانوا يستشهدون به. والحق يقال: إنهم في كل استشهاد يبدءون بالاستشهاد بالقرآن الكريم ثم الحديث الشريف، ثم مأثور الكلام العربي الفصيح، شعرًا ثم نثرًا، من كلمات الأدباء الموثوق بفصاحتهم وتمكنهم في اللغة العربية الفصحى الخالصة. ومن الطبيعي إذا وجد الباحث أو المؤلف اقتباسات من كل هذه المصادر تصلح شواهد على ما يقول أتى بها، فأكثر من شاهد من أكثر من مصدر، أوضح في الدلالة، وأقوى في البيان والإيضاح، ولكن أولها بطبيعة الحال هو القرآن الكريم ثم الحديث الشريف، ثم الشعر، ثم النثر، وذلك واضح تمام الوضوح في الكتب الدينية مثل: التفسير والحديث والفقه والأصول وعلم الكلام والفلسفة الإسلامية، وفي الكتب العربية الأدبية، وأهمها في الاستشهادات كتب النحو والصرف والبلاغة والمعاجم اللغوية، والمقصود طبعًا من هذه الاستشهادات هو التوضيح وزيادة البيان، وتقرير أن ذلك مستعمل، وشائع ومفهوم الدلالة في اللسان العربي الفصيح. وحينما يستشهد العلماء بالشعر في تفسير القرآن الكريم لا يقصدون من ذلك طبعا الاستدلال على عربية القرآن الكريم وفصاحته بعربية بيت من الشعر وفصاحته، كلا، ما كان هذا أو نحوه مقصودًا، إنما المقصود زيادة إيضاح المعنى، وتقريره في نفس القارئ أو السامع. ثم إن الاستشهاد على ألفاظ القرآن الكريم والحديث الشريف ونحوهما ومذاهبهما الكلامية، لم يقد [68] المصدر السابق، ص110.
نام کتاب : في تاريخ الأدب الجاهلي نویسنده : الجندي، علي جلد : 1 صفحه : 216