نام کتاب : في تاريخ الأدب الجاهلي نویسنده : الجندي، علي جلد : 1 صفحه : 218
الظروف التي لابست الدعوة الإسلامية والدولة الإسلامية فيذكر ما كان من عداوة بين النبي صلى الله عليه وسلم والكفار، وما حدث من عداوة بعد الهجرة بين مكة ومن فيها من قريش، والمدينة ومن فيها من الأنصار، ثم ما حدث بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم من خلاف بين المهاجرين وهم من قريش، والأنصار وهم من الأوس والخزرج، وما حدث من شقاق في خلافة عثمان رضي الله عنه، وما أعقب ذلك من فتنة بين علي رضي الله عنه ومعاوية بن أبي سفيان، وما استمر بعد ذلك من عداوات بين الأمويين والفرق والأحزاب الأخرى.
وهو في أثناء ذلك يذكر ما نتج بسبب هذه الاختلافات والعداوات من تسابق في قول الشعر والنصوص الأدبية فيقول: إن التنافس الذي كان بين قريش والأنصار جعل قريشًا تستكثر من الشعر وبخاصة ذلك النوع الذي يهجى فيه الأنصار، وفي هذا يقول[69]: "ويستطيع الكاتب في تاريخ الأدب أن يضع سفرًا مستقلًّا فيما كان لهذه العصبية بين قريش والأنصار من التأثير في شعر الفريقين الذي قالوه في الإسلام، وفي الشعر الذي نحله الفريقان شعراءهما في الجاهلية. هذا دون أن يتجاوز المؤرخ السياسي أو الأدبي الخصومة بين قريش والأنصار، فكيف إذا تجاوزها إلى الخصومة بين القبائل الأخرى! ذلك أن العصبية لم تكن مقصورة على أهل مكة والمدينة، ولكنها تجاوزتهم إلى العرب كافة، فتعصبت العدنانية على اليمنية، وتعصبت مضر على بقية عدنان، وتعصبت ربيعة على مضر، وانقسمت مضر على نفسها، فكانت فيها العصبية القيسية، والتميمية، والقرشية، وانقسمت ربيعة، فكانت فيها عصبية تغلب وعصبية بكر، وقل مثل ذلك في اليمن، فقد كان للأزد عصبيتها، ولحمير عصبيتها، ولقضاعة عصبيتها".
ويقول: "وإذا كان هذا تأثير العصبية في الحياة السياسية، قد رأيت طرفًا يسيرًا من تأثيرها في الشعر والشعراء، فأنت تستطيع أن تتصور هذه القبائل العربية في هذا الجهاد السياسي العنيف، تحرص كل واحدة منها على أن يكون قديمها في الجاهلية خير قديم، وعلى أن يكون مجدها في الجاهلية رفيعًا مؤثلًا بعيد العهد. وقد أرادت الظروف أن يضيع الشعر الجاهلي؛ لأن العرب لم تكن تكتب شعرها بعد، وإنما كانت ترويه حفظًا، فلما كان ما كان في الإسلام من حروب الردة، ثم الفتوح، ثم الفتن، قتل من الرواة والحفاظ خلق كثير، ثم [69] في الأدب الجاهلي، صفحة129.
نام کتاب : في تاريخ الأدب الجاهلي نویسنده : الجندي، علي جلد : 1 صفحه : 218