responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في تاريخ الأدب الجاهلي نویسنده : الجندي، علي    جلد : 1  صفحه : 219
اطمأنت العرب في الأمصار أيام بني أمية، وراجعت شعرها، فإذا قد ضاع أكثره، وإذا أقله قد بقي، وهي بعد في حاجة إلى الشعر تقدمه وقودًا لهذه العصبية المضطرمة، فاستكثرت من الشعر، وقالت منه القصائد الطوال وغير الطوال، ونحلتها شعراءها القدماء".
وينتهي إلى أن يقول: "إن العصبية وما يتصل بها من المنافع السياسية, قد كانت من أهم الأسباب التي حملت العرب على نحل الشعر للجاهليين.. إن مؤرخ الأدب مضطر حين يقرأ الشعر الذي يسمى جاهلياًّ، أن يشك في صحته كلما رأى شيئًا من شأنه تقوية العصبية التي يؤيدها هذا الشعر لدى قبيلة أو عصبية قد لعبت -كما يقولون- دورًا في الحياة السياسية للمسلمين".
وهنا نجد الدكتور طه حسين يخلط السياسة بالعصبية. وحقيقة استغلت السياسة في الفترة التي تحدث عنها العصبية. وكان لهذا أثره في النواحي السياسية والاجتماعية. فكان للعصبية أثر ظاهر في السياسة التي سارت عليها الدولة في العصر الأموي. وفي حديثه الطويل في هذا الفصل، يذكر الأسباب التي كان من شأنها أن جعلت المسلمين يختلفون، ويتعصب كل منهم لفريق، وما نتج عن ذلك من آثار أدبية لدى كل فريق. ويورد بعض الأمثلة التي قالها الشعراء وكلها من الشعر الإسلامي، وليس فيها مثل جاهلي واحد، ويلخص قولًا لمحمد بن سلام في كتابه "طبقات فحول الشعراء" عن رغبة كل فريق من المتخاصمين في التعالي على الآخرين، مما اضطرهم إلى خلق الشعر لتقدمه وقودًا لهذه العصبية.
وهذا الكلام الأخير كلام قاله الأولون، وأثبت التاريخ اشتعال العصبية من جديد بين المسلمين بعد أن كانت الدعوة الإسلامية أخمدتها، وقال بسببها الأدباء نصوصًا أدبية كثيرة. ونحن نعلم أن العصبية كانت سائدة بين العرب في الجاهلية، وكانت لهذا من أهم الأسباب التي دعت الشعراء والأدباء إلى قول الشعر والأدب في العصر الجاهلي، فنكاد لا نجد قصيدة واحدة. وبخاصة الطوال منها، تخلو من عصبية جاهلية. ولهذا كان معظم الشعر الجاهلي يفيض بهذه النغمة إذ إنها كانت الملهم الأول للشعراء والمثير الأقوى لعواطفهم، فإذا نحن أخذنا نشك في كل نص أدبي جاهلي فيه عصبية جاهلية، كان معناه الشك في معظم نصوص الأدب الجاهلي لشيوع العصبية فيه. إنما الذي يقتضيه الإنصاف هنا أن نأخذ في الاعتبار دراسة الثقات من العلماء والنقاد والرواة السابقين، فما ارتضوه وقبلوه على أنه أصيل، فليس لنا أن نشك فيه أو نتهمه، ما لم يقم الدليل الثابت القاطع بخلافه، وأنى لنا ذلك!.

نام کتاب : في تاريخ الأدب الجاهلي نویسنده : الجندي، علي    جلد : 1  صفحه : 219
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست