نام کتاب : في تاريخ الأدب الجاهلي نویسنده : الجندي، علي جلد : 1 صفحه : 220
وفي حديثه عن الدين ونحل الشعر يذكر أن الظروف المختلفة التي أحاطت بالحياة الدينية للعرب بخاصة وللمسلمين بعامة دعت إلى نحل الشعر، فيقول[70]: "كان هذا النحل في بعض أطواره يقصد به إلى إثبات صحة النبوة وصدق النبي، وكان هذا النوع موجهًا إلى عامة الناس: وأنت تستطيع أن تحمل على هذا كل ما يروى من هذا الشعر الذي قيل في الجاهلية ممهدًا لبعثة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان ما يتصل بها من هذه الأخبار والأساطير التي تروى لتقنع العامة بأن علماء العرب وكهانهم وأحبار اليهود ورهبان النصارى، كانوا ينتظرون بعثة نبي يخرج من قريش أو مكة. وفي سيرة ابن هشام وغيرها من كتب التاريخ والسير، ضروب كثيرة من هذا النوع. وأنت تستطيع أن تحمل على هذا لونًا آخر من الشعر المنحول لم يضف إلى الجاهليين من عرب الإنس، وإنما أضيف إلى الجاهليين من عرب الجن". ويقول معللًا هذه الظاهرة[71]: "والغرض من هذا النحل -فيما نرجح- إنما هو إرضاء حاجات العامة الذين يريدون المعجزة في كل شيء.
ويقول: "القرآن يحدثنا بأن اليهود والنصارى يجدون النبي مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل. وإذن فيجب أن نخترع القصص والأساطير وما يتصل بها من الشعر، ليثبت أن المخلصين من الأحبار والرهبان كانوا يتوقعون بعثة النبي، ويدعون الناس إلى الإيمان به حتى قبل أن يظل الناس زمانه".
ويستمر فيقول: "ونوع آخر من تأثير الدين في نحل الشعر وإضافته إلى الجاهليين، وهو ما يتصل بتعظيم شأن النبي من ناحية أسرته ونسبه إلى قريش".
ويقول[72]: "ونحو آخر من تأثير الدين في نحل الشعر، وهو الذي يلجأ إليه القصاص لتفسير ما يجدونه مكتوبًا في القرآن من أخبار الأمم القديمة البائدة كعاد وثمود ومن إليهم: فالرواة يضيفون إليهم شعرًا كثيرًا. وقد كفانا ابن سلام نقده وتحليله حين جد في طبقات الشعراء إثبات أن هذا الشعر وما يشبهه مما يضاف إلى تبع وحمير موضوع منحول، وضعه ابن إسحاق ومن إليه من أصحاب القصص. وابن إسحاق ومن إليه من أصحاب القصص، لا يكتفون بالشعر يضيفونه إلى عاد وثمود وتبع وحمير، وإنما هم يضيفون الشعر إلى آدم [70] في الأدب الجاهلي، ص133. [71] المرجع السابق، ص135. [72] المرجع السابق، ص138.
نام کتاب : في تاريخ الأدب الجاهلي نویسنده : الجندي، علي جلد : 1 صفحه : 220