نام کتاب : في تاريخ الأدب الجاهلي نویسنده : الجندي، علي جلد : 1 صفحه : 221
نفسه، فهم يزعمون أنه رثى هابيل حينما قتله أخوه قابيل".
ويتابع حديثه فيذكر أن من تأثير الدين في نحل الشعر ما كان يشعر بالحاجة إلى علماء العرب والموالي في إثبات أن القرآن عربي مطابق في ألفاظه للغة العرب: "فحرصوا على أن يستشهدوا على أن كل كلمة من كلمات القرآن عربية لا سبيل إلى الشك في عربيتها". ويعقب على ذلك بأنه يعتقد أنه "إذا كان هناك نص عربي لا تقبل لغته شكًّا ولا ريبًا وهو لذلك أوثق مصدر للغة العربية، فهو القرآن، وبنصوص القرآن وألفاظه يجب أن يستشهد على صحة ما يسمونه الشعر الجاهلي، بدل أن نستشهد بهذا الشعر على نصوص القرآن".
ويستمر فيذكر أن الخصومات التي حدثت بين العلماء وأصحاب التأويل على فهم القرآن وتأويل نصوصه، "كان له تأثير غير قليل في مكانة العالم وشهرته، ورأي الناس فيه، وثقة الأمراء والخلفاء بعلمه، ومن هنا كان العلماء حراصًا على أن يظهروا دائمًا بمظهر المنتصرين في خصوماتهم، الموفقين للحق والصواب فيما يذهبون إليه من رأي، وأي شيء يتيح لهم هذا إلا الاستشهاد بما قالته العرب قبل نزول القرآن؟ وقد كثر استغلالهم لهذا الاستشهاد فاستشهدوا بشعر الجاهليين على كل شيء. وأصبحت قراءة الكتب الأدبية واللغوية وكتب التفسير والمقالات تترك في نفسك أثرًا قويًّا، وصورة غريبة لهذا الشعر الجاهلي، حتى ليخيل إليك أن أحد هؤلاء العلماء، على اختلاف ما كان ينظر فيه من فروع العلم، لم يكن عليه إلا أن يمد يده إذا احتاج، فيظفر بما شاء الله من كلام العرب قبل الإسلام، كأن كلام العرب قبل الإسلام قد وعى كل شيء، وأحصى كل شيء ... فالمعتزلة يثبتون مذاهبهم بشعر العرب الجاهليين، وغير المعتزلة من أصحاب المقالات ينقضون آراء المعتزلة معتمدين على شعر الجاهليين".
ثم يتطرق إلى جانب آخر من جوانب الناحية الدينية، فيقول [73]: "وشاعت في العرب أثناء ظهور الإسلام وبعده فكرة أن الإسلام يجدد دين إبراهيم، ومن هنا أخذوا يعتقدون أن دين إبراهيم هذا قد كان دين العرب في عصر من العصور، ثم أعرضت عنه لما أضلها المضلون، وانصرفت إلى عبادة الأوثان. ولم يحتفظ بدين إبراهيم إلا أفراد قليلون يظهرون من حين إلى حين، وهؤلاء الأفراد يتحدثون، فنجد من أحاديثهم ما يشبه الإسلام. وتأويل ذلك [73] المرجع السابق ص141.
نام کتاب : في تاريخ الأدب الجاهلي نویسنده : الجندي، علي جلد : 1 صفحه : 221