responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في تاريخ الأدب الجاهلي نویسنده : الجندي، علي    جلد : 1  صفحه : 422
طبيعتها أو أخلاقها ما يغضب الآخرين، بل كل أفعالها، وأقوالها، وأخلاقها محمودة فأحبها جميع الناس، وهي تمتاز بالحياء الكامل فهي في غاية الحشمة والأدب، إذا مشت لا تكون متبهرجة ولا متبرجة، فتحافظ على قناعها، ولا تتلفت في أي اتجاه، وهي كريمة تؤثر جيرانها على نفسها، وتحافظ في إهدائها على كرامة من تقدم له الهدية، فتقدم أعز ما لديها لجارتها، في وقت لا يراها فيه أحد، وبيتها كله طهارة وشرف، فهي تتصف بالعفة والنقاء، وفي منتهى البعد عن أدنى شبهة أو ظن، ويبدو حياؤها واضحًا في مشيها، فهي إذا مشت، لا تنظر إلا أمام قدمها، كأنها من شدة حيائها تبحث عن شيء ضاع منها، ولا تتحدث عن زوجها إلا بكل ما يصوره عظيمًا كريمًا. وسيرتها حلوة، ودرجتها عالية بين قريناتها، وهي في معاملتها لزوجها في منتهى الكمال، لا تبرح بيتها إلا بعلمه، وتتحرى ما يرضيه ويسره، وتعامله في غيبته كما لو كان موجودًا، وعند عودته إليها يعود وقلبه متلهف لرؤيتها؛ لأنه يحس السعادة الحقيقة في وجوده معها، وقد قال الأصمعي: هذه الأبيات أحسن ما قيل في خفر النساء وعفتهن.

في الحياة والناس:
وبجانب هذه الأغراض الشعرية التي سبق بيانها، كانت هناك مجالات واسعة للشعر الجاهلي في نواحي الحياة وأحوال الناس المختلفة، ومن أشعارهم في هذه المجالات تتبين بوضوح ظروفهم وأخلاقهم وعاداتهم وتقاليدهم، وصلاتهم ومعاملاتهم، وما ينزل بهم من أحداث، وما يحسونه من متاعب وآلام، وما يرجونه من آمال وأحلام، وما يجول بخواطرهم من أفكار، وما يدور بجوانحهم من نظريات وآراء، وما يرون فيه الخير من توجيهات وإرشادات.
وقد سبق أن ذكرنا في أكثر من موضع، أن السمة الغالبة على شبه الجزيرة العربية في ذلك العصر القحط والجدب بسبب الجفاف، فانتشر الفقر والجوع، ولهذا كان تقديم الطعام والشراب للجائع والعطشان من أعظم المكرمات في ذلك الحين، إذ ليس هناك أعظم قدرًا لدى الإنسان مما يحفظ عليه حياته وينقذه من براثن الموت والهلاك، ومن ثم افتخروا ومدحوا بالكرم والجود والسخاء وإكرام الضيفان، وذموا وهجوا بالبخل والشح والحرص. ولأن جزيرتهم كانت صحراء واسعة الأرجاء مترامية الأطراف، وسكانها متباعدون

نام کتاب : في تاريخ الأدب الجاهلي نویسنده : الجندي، علي    جلد : 1  صفحه : 422
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست