نام کتاب : في تاريخ الأدب الجاهلي نویسنده : الجندي، علي جلد : 1 صفحه : 434
عن قومه، فإن ذكر ما أوقعه قومه بالأعداء ذكر ما حدث لقومه من الأعداء، وإن وصف بأس قومه وقوتهم وبطولتهم، وصبرهم، وثباتهم، وأسلحتهم وما قاموا به من أعمال وأمجاد، وصف الأعداء كذلك من هذه النواحي فكان الشاعر يتحدث في ذلك بما يقتضيه الحق والإنصاف، ولذلك سميت القصائد التي من هذا النوع "المنصفات" لأن الشاعر فيها ينصف الأعداء، ويعطيهم ما يستحقون، من ذلك ما ورد لعبد الشارق بن عبد العزى إذ يقول546:
ردينة لو رأيت غداة جئنا ... على أضماتنا وقد اختوينا547
فأرسلنا أبا عمرو ربيئًا ... فقال ألا انعموا بالقوم عينا548
ودسوا فارسًا منهم عشاء ... فلم نغدر بفارسهم لدينا549
فجاءوا عارضًا بردًا وجئنا ... كمثل السيل نركب وازعينا550
تنادوا يالبهثة إذ رأونا ... فقلنا أحسني ضربا جهينا551
سمعنا دعوة عن ظهر غيب ... فجلنا جولة ثم ارعوينا552
فلما أن تواقفنا قليلًا ... أنخنا للكلاكل فارتمينا553
فلما لم ندع قوسًا وسهمًا ... مشينا نحوهم ومشوا إلينا554
546 ديوان الحماسة جـ1 ص169.
547 على أضماتنا، الأضم: شدة الحقد. وقد اختوينا: أي لم نطعم شيئًا وكانوا يكرهون الطعام عند الحرب مخافة أن يطعن أحدهم في بطنه فيخرج منه الطعام فيكون ذلك عارًا. وجواب لولا محذوف لأن أبيات القصيدة مقصورة على بيان القصة والتقدير: لو رأيت غداة جئنا على أحقادنا لم نطعم شيئًا لرأيت أمرًا عظيمًا.
548 الربيء والربيئة الطليعة وقوله: انعموا بالقوم عينًا بشارة لهم بقلة عدد عدوهم.
549 ودسوا فارسًا: إلخ أصل الدس: إخفاء الشيء تحت غيره ثم استعمل هنا في إرسال الفارس سرًّا تحت الليل، يقول: وأرسلوا إلينا فارسًا في السر ليكشف لهم عن أخبارنا، فلم نحبسه عندنا ونقطع الأخبار عنهم لأن ذلك غدر بهم.
550 العارض: السحاب المعترض في الأفق. والبرد: الذي فيه البرد بفتحتين. والوازع: الذي يرتب الجيش ويصلحه ويقدم ويؤخر. ومعنى تركب وازعينا: لا ننقاد لمن يريد ضبطنا من الجيش جميعًا.
551 تنادوا يا لبهثة: أي دعوا بهثة، وبهثة بطن من العرب، وجهينة كذلك، يقول: لما رأوا استصرخوا ببهثة فقابلناهم وقذفناهم بما يكرهون وقلنا: يا جهين أحسني فيهم الضرب والطعن.
552 سمعنا دعوة إلخ يقال فلان فعل كذا بظهر الغيب أي فعله بمكان لا يرى ولا يبصر وأتاه خبر عن ظهر غيب أي انتهى إليه من شخص غائب، ويقال ارعوى فلان عن كذا إذا انكف عنه ورجع.
553 فلما أن توافقنا أي وقف بعضنا مع بعض في الحرب وقوله أنخنا للكلاكل اللام فيه زائدة أو بمعنى على كما في قوله تعالى: {وَتَلَّهُ لِلْجَبِين} أي عليه وقوله فارتمينا يريد أنهم تراموا بالسهام.
554 فلما لم ندع إلخ، معناه لما رمينا ففنيت السهام وانكسرت القسي تقدمنا إليهم فتجالدنا بالسيوف.
نام کتاب : في تاريخ الأدب الجاهلي نویسنده : الجندي، علي جلد : 1 صفحه : 434