responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قطب السرور في أوصاف الأنبذة والخمور نویسنده : الرقيق القيرواني    جلد : 1  صفحه : 6
قال أبو هفان: دعاني أمير من أمراء الأتراك، وكانت له ستارة لم يكن ببغداد أطيبُ منها، فلما شربنا أقداحاً قال غنوا لنا: خِمار مليحٍ، فلم يدر أحد ممن حضر ما أراد حتى غُنى:
قل للمليحة في الخِمار الأسود ... ماذا صنعت براهبٍ متزهِّدِ
فشرب عليه أرطالاً وشربنا ثم أمسك ساعةً وقال: غنوا: (إني خَريت وجيت أنتقله) فضحكن وقلن: هذا يشبهك، ويصلح لك، فما عرفنا ما أراد حتى غنَّينَ: إن الخليط أجدَّ منتقلَه.
وقال مصعب الزبيري: شربنا يوماً عند عبد الصمد بن علي عمِّ المنصور، وكان يغنينا الدارمي المَكي وكان حلواً ظريفاً فنعس عبد الصمد، وعطس الدارمي عطسةً هائلة، فوثب عبد الصمد مرعوباً وغضب غضباً شديداً وقال: يا عاض بظر أمه، إنما أردت أن تفزعني، قال لا والله، ولكن هكذا عُطاسي، قال: والله لأسفكن دَمَكَ أو تأتيني ببينة على ذلك، ووكل به غلمانه، وخرج لا يدري أين يذهب فلقيه رجل يعرفه من أهل مكة، فسأله عن أمره، فأخبره، فقال: أشهد لك أنا، ومضى معه حتى دخل على عبد الصمد فقال له: بما تشهد لهذا؟ قال: رأيته عطس عطسةً سقط منها ضرسُه وتطاير نصف لحيته، فقال عبد الصمد: خلوا سبيله.
وقال عمر بن شَبَّة: حدثني إسحق بن إبراهيم عن أبيه قال: قال حكمُ الوادي: دخلتُ يوماً على يحيى بن خالد، وقد اصطبح فأمر لي بطعام، فأكلت وسُقيت ثلاثة أرطال وغنيته:
بنفسي من قلبي له الدهر ذاكرُ ... ومن هو عني معرض القلب صابرُ
ومن حبه يزداد عندي تجدداً ... وحبي لديه مُخلَقُ العهد داثرُ
فاستعادني فيه مراراً وشرب عليه أرطالاً وقال لي: يا أبا يحيى، ألقه على دنانير، فإن أخذته فلك خمسمائة دينار، ودعا بها فجلست خلف الستارة، فقلت لها يا سيدتي، أشغلي نفسك بهذا، وأنت تهبين لي خمسمائة دينار، فقال يحيى: ولها إن أحكمته ألف دينار، وقام يحيى لبعض أشغاله فطرحت عليها الصوت حتى أخذته، وجاء يحيى فعرفته، فقال لي: غنه يا أبا يحيى، فقلت: يسمعه مني، وليس هو ممن يخفى عليه، ثم يسمعه منها فلا يرضاه فلا أحصل على شيء، فغنيته، ثم قال: غنيه أنت الآن، فغنته فزاد في طيبه ندى صوتها وحسنُهُ، فقال: والله ما أرى إلا خيراً، فقلت جُعلت فداك، أنا أمضُغُ هذا أكثر من خمسين سنة كما أمضغ الخبز، وهذه أخذته الساعة وهو يذل لها بعدي وتجترئ عليه ويزدادُ حسناً في صوتها، فقال: صدقت، يا غلام هات له خمسماية دينار ولها ألف دينار، ففعل، فقالت له وحياتك يا سيدي لأُشاطرن أُستاذي الألف، قال: ذلك إليكِ، ففعلت فانصرفت وقد أخذت بهذا الصوت ألف دينار.
قال إسحق بن إبراهيم الموصلي: دعاني يحيى بن خالد يوماً فوجدت الفضل وجعفر جالسين بين يديه، فقال لي: يا إسحق، أصبحت مهموماً فأردت الصبوح لأتسلى فغنني صوتاً لعلي أتفرجُ وأرتاح فغنيته:
إذا نزلوا بطحاءَ مكةَ أَشرقت ... بيحيى وبالفضل بن يحيى وجعفر
فما خُلقت إلا لجودٍ أكفهم ... وأقدامهم، إلا لأعوادِ منبرِ
فطرب وارتاح وأمر لي بمائة ألف درهم وأمر لكل واحدٍ منهما بمائة ألفٍ تنقص ألفاً فحمل المال بين يديَّ وانصرفت.
وكان إبراهيم بن المهدي لما طلبه المأمون قد استخفى عند امرأة فوكلت لخدمته جارية وقالت لها: وقد وهبتك له فإن أرادك لشيءٍ فأعلميه ذلك وطاوعيه، وكانت توفيه حقَّهُ في الخدمة والإعظام ولا تُعلِمُهُ بما قالت سيدتها فجلَّ مقدارها في عينه إلى أن قربت له يوماً طعاماً فأكل وقامت على رأسه فسقته فلما ناولته الكأس قبَّل يدها وقال:
يا غزالاً لي إليه ... شافعٌ من مقلتيه
والذي أجللتُ خديهِ ... فقبلت يديه
بأبي وجهك ما أكثر ... حسادي عليه
أنا ضيفٌ وجزاءُ الضيف ... إحسانٌ إليه
فقبلت الأرض بين يديه وأعلمته بما قالت مولاتها وعمل فيه لحناً في طريقة الهزج.
وكان إبراهيم قد ترك الغناء في آخر أيامه وذلك أنه قال:

نام کتاب : قطب السرور في أوصاف الأنبذة والخمور نویسنده : الرقيق القيرواني    جلد : 1  صفحه : 6
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست