responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قطب السرور في أوصاف الأنبذة والخمور نویسنده : الرقيق القيرواني    جلد : 1  صفحه : 82
وأما الوجه الآخر، فإن أراد ندماؤكم الانصراف فلا تمنعوهم من ذلك ولا تحبسوهم للمبيت، واحذروا ذلك غاية الحذر، فإنن آفات المبيت أعظم ضرراً مما ذكرنا منن آفات الصبوح لأنه قد يكون في القوم الخفيف المنام، السريع القيام فيفرّ عنه نومُه، ويحتاج إلى المؤانسة فيقيم من يطيب له النوم ويشتد عليه القيام، ويمتنع منه الكلام، فإن ساعده بعضهم، احتاج إلى تجديد المجلس وطلب الطعام، ولعل ذلك يتعذَّر على العيال في جوف الليل فلم يكونوا أعدُّوا منه عُدة، ولو كان معداً، لقد كان في إيقاد السِّراج، وإيقاظ النيام، وإحضار الطعام والشراب أشدّ الإبرام. وإن كان في القوم دبَّابٌ عند إطفاء السِّراج ونزول الظلام. وقد بيَّت على الغلام فأخطأه وأصاب المولى وبعض الندماء، فيا لك من رفسةٍ ولكمةٍ ولطمةٍ وجدع أُذن بكدمةٍ، فإن احتيج إلى إشعال السراج لينظروا من الفاعل ولم يكن في الدار نار وفتح الباب وخرج الغلام ورافق ذلك مرورُ الحرس فقُبض عليه وحُبس فإن أَحسُّوا بهيمنة العربدة، كسروا الباب ودخلوا الدار وولَّد ذلك أكثر مما كانوا فيه وكانت الفضيحة بين الجيران وثقل المغرم لأعوان السلطان، وإن سلموا من هذا كلّه وانتبهوا عند الصباح، طلبوا الرؤوس وعرفوا بالصبوح، ووصلوه بالغبوق، فحلَّ على صاحب المنزل يوم ودعوتان في دعوة، واتصل نصبُه وطال تعبه. وآفات هذا الباب كثيرة، ولو استقصيتها لكم لطال بها الخطاب. والذي أُوصيكم به أن يجوِّدوا نبيذكم ما استطعتم وإن قلَّ طعامكم وتعذَّر، فإن مسافة الطعام قصيرة قليلة، ومسافة الشراب كثيرة طويلة، فإنكم إذا اهتممتم للفتيان في الطعام، وأتيتموهم بالحار والبارد من الجداء والحملان والسمك والدجاج والبط والدُّرَّاج والحلو والحامض ثم قدَّمتم إليهم شراباً غير طيب، نغَّصتم عليهم جميع ما أكلوه عندكم، ولو عظم إنفاقكم عليه ولو أتيتموهم بكل غريب من النقل والريحان والطِّيب والأدهان لما أصلح ذلك كله خسار شرابكم. فإن غبت تشاكوا، وإن حضرت كانت غاية أحدهم حبس كأسه في يده وإن غفل الساقي عنه كبه في ذلك الريحان فيدعي أحدهم مغساً في جوفه، وآخر صداعاً برأسه، وآخر يقول في نفسه ليتني اعتذرت ولم أكن جئت، وأنتم إذا قدَّمتم اليسير من الطعام الذي لا كلفة فيه عليكم وجودتم شرابكم حُمدت دعوتكم ولذَّت معاشرتكم وسَرَّت منادمتكم وعرف موقعها، فأحسنوا التدبير في جودة النبيذ، فإنه من أفضل ما تحوطون به أنفسكم وتحفظون به مروءاتكم وفقكم الله وسدَّدَكم.
وقال ابن المعتز في ذم الصبوح:
اِسمع فإني للصَّبوح عائبُ
عنديَ من أخباره عجائبُ
إذا أردت الشرب عند الفجرِ
والنجم في لجة ليلٍ يجري
وكان بردٌ بالنسيم يرتَعِدْ
وريقُهُ على الثنايا قد جَمَدْ
وللغلام ضجرة وهَمْهمة
وشتمة في صدره مُجمجمة
يمشي بلا رجلٍ من النُّعاسِ
ويدفق الكأسَ على الجُلاَّسِ
ويلعن المولى إذا دعاهُ
ووجههُ، إن جاءَ، في قفاه
فإن أحسَّ من نديمٍ صوتاً
قال مجيباً: طعنةً وموتا
أعجل من مسواكهِ وزينتهْ
وهيئة تظهر حسن صورتِهِ
وإن يكن للقوم ساقٍ يُعشقُ
فجفنه بجَفنه مُرَنَّقُ
ورأسهُ كمثل فروٍ قد مُطِرْ
وصدغهُ كالصولجان المنكسِرْ
فإن طردتَ البردَ بالسُّتورِ
وجئت بالكانونِ والبخورِ
فأي فضلٍ للصبوحِ يعرفُ
على الغبوقِ والظلام مُسدفُ
ولو دَسَسْت في استِ محمومٍ لما
نجوت من قُرادٍ إما صَمَّما
تحسب في رياحه الشمائل
صوارماُ ترسب في المفاصل
وقد نسيت شررَ الكانونِ
كأنه نثار ياسمينِ
يرمي بها الجمر إلى الأحداقِ
فإن وَنَى قرطسَ في الآماق
وترك البساط بعد الخمدِ
بنقطٍ سودٍ كجلد الفهدِ
وقطَعَ المجلس في اكتئابِ
وذكر حَرْقِ النار للثياب
ولم يزل للقوم شغلاً شاغلاً
وأصبحت ثيابهم مناخِلا
حتى إذا ما ارتفعت شمس الضحى
قيل فلان وفلانٌ قد صحا
وربما كان ثقيلاً يحتشِمْ
فطوَّلَ الكلام حيناً وجَشَم
ورفِعَ الرَّيحان والنبيذ
وزال عنا عيشنا اللذيذ
ولست في طول النهار آمناً

نام کتاب : قطب السرور في أوصاف الأنبذة والخمور نویسنده : الرقيق القيرواني    جلد : 1  صفحه : 82
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست