عهد المأمون الخليفة باذنه ووصيته ثم اعتقاد الفلاسفة ان الآلهة ثلاثة المبدأ والعقل والنفس، وقضوا بكون العقل والنفس أزليين وينفون الصفات، ولا يقولون ان الله حيّ عالم قادر مريد سميع متكلم البتة، وزعموا ان الحركات أزلية سرمدية الى غير ذلك، فهم مشركون ملحدون لعنهم الله، وزعموا أن أصل هذا العالم أعني عالم الكون والفساد الهيولى بزعمهم جوهر الشيء كالقطن اصل الثوب وعندهم الهيولى الذي هو أصل العالم أزلي قديم لا أول له كان في الاول جزءا بسيطا لا عرض فيه ولا تركيب ولا اجتماع ولا افتراق ثم دخلها التركيب العام فالدليل على بطلان قولهم ومذهبهم أن يستحيل في العقول وجوب الفلك المتحرك شمسها وقمرها من غير صانع كما يستحيل حدوث كتابة الا من كاتب وبناء الا من بان فالفلك ليس بأقل من الفلك ولا يتصوّر انتظام ألواحها من غير نظام نجار حاذق، دليل نفس الإنسان ونفس كل حيوان في الابتداء كانت قطرة ماء ثم علقة ثم مضغة ثم لحما ودما واحدا يحول نفسه من حال الى حال، فلا بد من محول حكيم. ثم نقول يا أصحاب الهيولى كيف تركيب العالم من الهيولى؟ أبصانع صنعه أم بغير صانع؟ فإن كان بصانع فهو ما قلنا، وان كان بغير صانع فيستحيل في العقل أن تركيب السموات والارض مزينة بالمصابيح والشمس والقمر