(الباب العاشر في الرد على اخوانهم المجوس)
أعلم أنهم يقولون بإلهين اثنين نور وظلمة ويسمون النور يزدان والظلمة الشيطان وهو أهرمن. فالنور لا يكون منه إلا الخير، والشيطان لا يكون منه الا الشر فجميع ما يجري في العالم من الخير من فعال النور وجميع ما يجري من الشر فهو فعل الظلمة وهو الشيطان فنقول يا معشر المجوس من أحدث الشيطان؟ فان قالوا أحدثه يزدان قيل فقد أحدث الشيطان الذي هو أعظم الشرور فما أنكرتم أن يحدث سائر الشرور وان قالوا لا يحدث قيل فما أنكرتم أن تكون الحوادث كلها لا محدث لها. (دليل آخر) إذا جاز قدم الباري وهو نور وضياء فما أنكرتم قدم الشيطان الذي هو ظلمة فكل علة أوجبوا بها حدوث الظلام أوجبنا عليهم بمثلها حدوث النور. (دليل آخر) من خلق الظلام؟ فان قالوا النور قلنا فقد علم أنه يفعل الشر أم لا إن قالوا لم يعلم فهو جاهل وإن قالوا علم خلقه للشر يجوز أن يخلق الظالم والجائر والسباع والعقارب وإن قالوا حدث بنفسه فيلزمهم أن تحدث جميع الحوادث بنفسها وذواتها ولا يحتاج فعل إلى فاعل وصنع إلى صانع، وهو محال ثم نقول رجل قتل رجلا ظلما ثم ندم أليس القتل شرا قالوا بلى قلنا أليس الندم خيرا قالوا بلى قلنا فعندكم الذي يفعل الشر لا يفعل الخير فكيف هذا.