على قدر أهل العزم تأتي العزائم والهموم بقدر الهمم وهذا سر قوله صلّى الله عليه وسلم حب الدنيا رأس كل خطيئة، فان شأن الدنيا هاوية لا قعر لها في كلمة منها تنبعث خصومات وأمور لا حصر لها فتأمل في خامل يكثر أشغاله كيف يتمنى الموت في كل ساعة لازدحام الآفات والخصومات وأعوذ بالله من تفرقة القلب. (الآفة الثالثة) ان لم ينفق في المعصية ولم يتمرغ في نعيمها ويكسب من الحلال وينفق من الحلال وهيهات دون عليات العبادة والخرط أليس يحتاج الى حفظه وحرزه فيشتغل قلبه عن ذكر الله فلا يتفرغ الى الله قصيره عن طويله صاحب المال يضيع عمره في محاسبة الوكلاء والغرماء والخراج والحساب فيتنغص عيشه، قرأت في بعض التفاسير في قوله تعالى كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ
إنما شبه الحياة الدنيا والمقام فيها بالماء لمعنى دقيق وهو أن في البيت إذا كان بقدر الحاجة ينتفع به صاحب البيت فإذا كثر وغلب على البيت أهلك صاحب البيت كذلك صاحب بيت الدنيا اذا قنع بقدر الكفاية ينتفع بها وإذا تمرغ فيها هلك وأهلك، قال بعض ظرفاء بغداد: الكفر خير من المال فقيل له في ذلك فقال لان من يتهم بالكفر إذا تاب تقبل توبته ومن اتهم بالمال لا تقبل توبته بل يضرب عليه ضربا بعد ضرب حتى يموت فقد علم العلماء أن قدر الكفاية ترياق وما سواه وبال دعاق