الاغنياء: هذا القياس ينتقض ولا يصح إلا بقياس فإن سليمان كان من المرسلين وقد ملك الدنيا سنين وهذا داود كان له ثلاثة وثلاثون ألف حارس وكراسي من ذهب وفضة وهذا عثمان وعبد الرحمن وغيرهما، قال الفقراء: القياس صحيح فإن المال كان لهم ولم يكونوا هم للاموال فشتان بين من يكون للمال وبين من يملك المال قال الاغنياء: أهل الجنة أغنياء فرحون وإنهم على أطيب عيش وأعدل حال وأهل النار فقراء مغمومون فنحن أفضل، قال الفقراء: امسكوا فإن آلة المعصية ما أطغى وما أبغى ولم يتبع الهوى الا كل ذي مال وأما الفقراء فحسبهم الخمول والسكون يطيعون ربهم شاؤا أم أبوا قال الاغنياء: غلطتم فإن التقوى مركوزة في طباع المرء أفتقر أو استغنى قال الفقراء: أتسلمون لنا أن قلب المرء مع ماله فالغني قط لا يحب الموت ويكره مفارقة الدنيا وأما الفقير فلم ير خيرا إلا من ربه فيقدم عليه كالغائب. غدا نلقى الاحبة محمدا وحزبه. والفقير قلبه الى ربه فشتان بين من يميل الى ربه وبين من يميل الى الدنيا فلما أورد على الاغنياء هذه الحجة كادوا أن يتقطعوا فقالوا: لا نسلم هذا هواجس وترهات دسائس بل الغني صفة الرب والله الغني وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: من تخلق بخلق من أخلاق الله أو كما قال ونحن أفضل فصاحوا وتهارشوا وقالوا أما غنى