الرب فوصف ذاتي لا يتعدد ولا يتبدل هو واجب الوجود غني بذاته لا بالمال والحال وغناكم عرضي، يزول في حال فهذا قياس الملائكة بالحدادين فتحاكموا الى قاضي العقل فنظر واعتبر وطول وهول ثم قال قد تحيرت فيما بينكم إن قلت الفقر أفضل فيناديني الشرع كاد الفقر أن يكون كفرا وإن قلت الغنى أفضل سمعت القرآن أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ
فبعثوا رسولا الى النبي صلّى الله عليه وسلم في مأثور الأخبار ان الفقراء شكوا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم الاغنياء وقالوا فازوا بخيري الدنيا والآخرة يزكون ويتصدقون ويحجون ويغزون ولهم فضول أموال ينفقونها ولا نجد شيئا فحالنا أفضل أم حالهم فرحب النبي صلّى الله عليه وسلم برسول الفقراء وقال جئت من عند أكرم قوم على الله قل لهم ان من صبر على الفقر لأجل الله يكون له ثلاث خصال لا تكون لأحد من الاغنياء إحداها أن في الجنة قصورا يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها ولا يسكنها الا الانبياء والفقراء والشهداء، والثانية أن الفقراء يدخلون الجنة قبل الاغنياء بخمسمائة عام، والثالثة إذا قال الفقير مرة واحدة سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ويقول الغني مثل ذلك فلا يبلغ درجة الفقراء أبدا فقالت الفقراء رضينا فهذه مناظرة الفقراء مع الاغنياء ولا شك ولا خفاء أن الفقراء