النار من الطين لأجل أبيك ظاهره عذاب وباطنة راحة جزاء على سخاوته فالقاعدة صحيحة فافهم ذلك.
(الباب التاسع في مناظرة الدولة مع العقل)
إعلم أن الدولة سماوية والعقل رباني ولا حظ للعقل بدون الدولة، والدولة قد تصحب من لا عقل له فإذا أقبلت الدولة أعطته محاسن غيره وإذا أدبرت الدولة سلبته محاسن نفسه فمن أقبلت عليه الدولة يصير خطأه صوابا وكذبه يعد صدقا ويجتني من الشجرة اليابسة ثمرا وتبيض الدجاجة على رأس الوتد فإذا أدبرت فقد جاءت المحن والفاقة بحيث لا طاقة له. في الاثر: لما نزل الايمان من السماء استقبلته جميع الطاعات فيقول كل انزل في بيتي فقال أنا أعرف بيتي فنزل في دار السخاء، وكل سخي صاحب إيمان أو فيه خصلة منه ولما نزل الكفر استقبلته جميع المعاصي فقال كل انزل بنا، فقال أنا أعرف بمكاني منكم ثم نزل في بيت البخلاء فلهذا قيل البخل أخو الكفر، وتناظر العقل والدولة فقال العقل:
معي الخطاب وقالت الدولة: لعيش معي وفي ناصيتي الجد والبخت، فقال العقل: بني الاسلام على أساسي فقالت الدولة:
بقاء الدين والدنيا في ناصيتي فقال العقل: وقع على منشوري بك أخاطب وبك آمر، فقالت الدولة: وأعطاني تشريفا بقوله وتلك الأيام تداولها بين الناس فقال العقل