ويجلس بين قبرين. ويقول لنفسه انها القبر الثالث كأنك بالدنيا ولم تكن وبالآخرة ولم تزل. كأنك بالحياة لم تحضر وبالممات لم تغب، انتبه فان العيش أضغاث أحلام يا ابن التراب، ومأكول التراب، ما هذا الغرور بالغرور، انظر إلى حسرات اخوانك وانظر إلى أيتامهم المساكين وأموالهم المبددة وأزواجهم المتروكة. (علاج آخر) تنظر في المحاريب وقد خلت عن المتهجدين والدور وقد خلت عن اخوانه وقراباته كأن لم يولدوا ولم يعرفوا ذهبوا ودرجوا فيقول لنفسه إنتبه قبل أن يكون حالي مثل حالهم. (حكاية) مر عيسى صلوات الله تعالى عليه فرأى شيخا هرما في يده مسحاة فتعجب من طول أمله قال: يا رب انزع عنه أمله، فإذا بالشيخ قد طرح المسحاة واستلقى يعاتب نفسه ويقول يا شقي الى متى تقتل نفسك وتخرب آخرتك، وغدا تموت فقال:
يا رب اردد إليه أمله فما تم الدعاء حتى وثب الشيخ الى عمله ويقول: لا بد من القوت مهما تعش، فتعجب فسأله فقال:
خطر لي خاطر انك قد أكلت الدنيا وقد شخت فإلى متى تعمل؟ فتركت العمل، ثم خطر لي أن القوت لا بد منه فقمت وعملت ليعلم أن بقاء الدنيا بالأمل وان الغفلة رحمة للعالمين.