(الباب الثالث في علاج الغفلة)
إعلم أن الغفلة ستر الله العظيم وهو حجاب الآخرة ولولا الغفلة لرأى كل مؤمن عيب النفس ولاشتغل كل أحد بشأنه وما تهنى بالعيش والحياة، ولكن الله رحمهم بالغفلة، فلا جرم أصبحوا غافلين فمن كل مائة رجل ترى فيهم رجلا مستيقظا يتناحرون أنفسهم ويتكالبون على الدنيا للغفلة ويتخاصمون للدنيا. (علاج ذلك) أن تقول: الموت يقين، والحياة شك فكيف نترك اليقين بالشك ونحن أقرب الى الموت والقبر منا الى الحياة فان الله سبحانه قدم الموت على الحياة فقال: الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا
ويقول ان العمر قليل فالجمع والمنع لأي شيء ولأي طلب؟ وإذا انتقص العمر وازداد المال فلأي شيء أحرق نفسي. (علاج آخر) تقول الانبياء والاولياء كانوا أعلم مني قنعوا بالقوت ورضوا بالكفاف وما طلبوا الدنيا فلماذا أحرق نفسي بنار الحرص ومن ساعة إلى ساعة فرج وأين الملوك وأعوانهم وأين الجبابرة وقرناؤهم وأين الاخوان والمعارف أين هم أين هم؟
فرق الدهر بينهم. (علاج آخر) تقول هب انك ملكت الدنيا بأسرها وصفالك عذبها وزلالها وأدركت الاماني أليس آخر ذلك الموت وعاقبته الفوت فكم أصبح غافلا وأمسي جاهلا. (علاج آخر) ينظر الى مصارع الآباء والامهات