في الحالين (فصل) فإن أراد أن يرد المظلمة فلا يخلو إما أن يكون المال باقيا والملّاك معدومين أو المال تالفا، فإن كان المال باقيا والملاك معدومين فيرد على ورثتهم فإن لم يكن لهم وارث وكان يعلم بقاض أمين يدفع اليه وإن لم يكن فقيل يتصدق بنفسه على الفقراء وقيل هو حق لبيت المال وسائر المسلمين وإن كان المال تالفا وأصحابه موجودين فيذهب اليهم ويتضرع حتى يحلوه فإن فعلوا فذاك وقد تخلص من حقهم وإن أبوا فينوي إن رزقه الله مالا يرد المظالم فإذا مات على هذه النية فالله قادر على أن يرضي خصماءه وقيل يستكثر من نوافل العبادات فربما يرضي الله خصماءه منها وإن لم يعلم مقدار مظلمته فيأخذ بغالب الظن وكذا في الحل والحرمة يأخذ بغلبة الظن والله سبحانه وتعالى أعلم.
(الباب الرابع عشر في الفرق بين الرشوة والهدية)
وهذه مسألة عويصة طال فيها القيل والقال وخلاصة ذلك أن الهدية تمتاز عن الرشوة بأربعة أمور: الأول أن يدفع إليه مالا بحقه ويهديه ليعوضه على ذلك فهي هبة مباحة فإن عوضه فذاك وإن لم يعوضه وأمسك الأصل فهو سحت، والثاني أن يهدي إليه هدية لصلاحه وعلمه أو شرفه ويكون موصوفا بهذه الأوصاف فذاك حلال له وإن ظن أنه مصلح