الثواب بالطاعة والعقاب بالمعصية إنما صدر من الجسد بواسطة الروح ولم تنفرد الروح بذلك فإن كانت الطاعة بهما تحصل فيجب أن يكون العقاب والثواب لهما كيلا يكون اجحافا وظلما وأيضا فان خطاب الله تعالى يتوجه على النفوس والأبدان بقوله يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ
يا أَيُّهَا النَّاسُ
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
ولم يقل يا أيها الروح فإذا كان الامر والنهي والخطاب مع الجسد فيستحيل أن تكون الروح مفردة في ذلك يدل عليه أن الله تعالى حيث ذكر الثواب والعقاب والوعد والوعيد ونعيم الجنة وعذاب الجحيم انما عنى به الجسد يا أَيُّهَا النَّاسُ
فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ
يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ
فالله تعالى خلق هذا الجسد من التراب وأمات هذا الجسد ثم يحيي هذا الجسد ثم يخاطب ويحاسب هذا الجسد فدل انه المثاب والمعاقب فانه سبحانه حكيم لا يجوز أن يأخذ زيدا بجناية عمرو ولا يجوز أن يحمل جريمة زيد على عمرو فدل أن الروح لا تحيا بدون الجسد.
(الباب التاسع في بيان نعمة الله سبحانه وتعالى على العبد)
قال الله تعالى وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً
فالنعمة الظاهرة سلامة البدن والنعمة الباطنة الايمان فأول نعمة الله