نام کتاب : نور الطرف ونور الظرف نویسنده : الحُصري القيرواني جلد : 1 صفحه : 41
وله إلى سهل بن محمد بن سليمان يسأله عن حاجة بعد انقطاعه عنه: أنا إذا طويت اليوم عن خدمة مولاي أطال الله بقاءه لم أرفع بصري، ولم أعده من عمري، وكأني به إذا أغفلت عن مفروض خدمته، من قصد حضرته، والمثول في جملة حاشيته، وحملة غاشيته، يقول: إن هذا الجائع لما شبع وتمشيع، وتجلل وتبرقع، تربع وترفع، فما يطور بهذا الجناب، ولا يظهر بهذا الباب، وأنا الرجل الذي آواه من قفر، وأغناه من فقر، وآمنه من خوف، إذ لا حر بوادي عوف، حتى إذا وردت رقعتي عليه هذه، وأعارها طرف كرمه، وظرف شيمه، ونظر في عنوانها في اسمي، قال: بعداً وسحقاً، وسباً وتباً، وحتاً ونحتاً، وطعناً ولعناً، فما أكدر شراب أخلاقه، وأكثر سراب نفاقه، والآن انحل من عقدته، وانتبه إلى رقدته، وكاتبني يستعيدني، كلا لا أزوجه الرضى ولا كرامة، ولا أمنحه المنى ولا قلامة، سأدعه [يركب رأسه، فستأتيني به] الليالي والكيس الخالي، ثم أزنه بميزان قدره، وأذيقه وبال أمره، حتى إذا بلغ موضع الحاجة قال: مأربة به لا حفاوة، ووطر ساقه لا نزاع شاقه، وهذا هذاء، أنا لا أبعد عن تلك الهمم العالية، والأخلاق السامية، أن يقول: مرحباً بالرقعة وكاتبها، وأهلاً بالمخاطبة وصاحبها، وحاجتي الرقعة التي سالت إلى ما التمست، بما طلبت كما اقترحت، فرأيه فيها موفقاً إن شاء الله تعالى.
وكتب إلى مستمنح عاوده مراراً: مثل الإنسان في الإنسان مثل الأشجار في الإثمار، سبيل من أتى بالحسنة، أن يرفه إلى السنة وأنا كما ذكرت لا أملك غير عضوين من جسدي، وهما فؤادي ويدي، أما اليد فتولع بالجود، وأما الفؤاد فيعلق بالوفود، ولكن هذا الخلق النفيس لا يساعده الكيس، ولا قرابة بين الأدب والذهب، فلم جمعت بينهما [في النسب] ؟ والأدب لا يمكن ثرده في قصعة، ولا صرفه في ثمن سلعة، ولي مع الأدب نادرة، قد جهدت بالطباخ، أن يطبخ [لي] جيمية الشماخ، لوناً فلم يفعل، وبالقصاب أن يسمع أدب الكتاب فلم يقبل، واحتيج في البيت إلى شيء من الزيت، فأنشدت ألفي ومئتي بيت من شعر الكميت، فلم تغن، ولو وقعت أرجوزة العجاج، في توابل السكباج، لم تنفع، وأنت لا تقنع، فما أصنع، فإن كنت تحسب اختلافك إلي، إفضالاً منك علي، فراحتي ألا تطرق ساحتي، وفرجي ألا تجي، والسلام.
ومن شعره قوله:
وأروع أهداه لي الليل والفلا ... وحمش تمس الأرض لكن كلا ولا
عرضت على نار المكارم عوده ... فكان معماً في السوابق مخولا
وخادعته عن ماله فخدعته ... وساهلته في بره فتسهلا
ولما تخالينا وأحمد منطقي ... بلاني في نظم القريض بما بلا
فما هز إلا صارماً حين هزني ... ولم يلقني إلا إلى السبق أولا
فلم أره إلا أغر محجباً ... وما تحته إلا أغر محجلا
وله أيضاً:
لعمر الذي ألقى إلي ثيابه ... لقد ملئت تلك الثياب به مجدا
وقد قمرته راحة الجود بزة ... وما ضربت قدحاً ولا نصبت نردا
أعد نظراً يا من بناني بنانه ... ولا تدع الأيام تهدمني هدا
وقل للألى إن أسفروا أسفروا ضحى ... وإن طلعوا في غمة طلعوا وردا
صلوا رحم العليا وبلوا لهاتها ... وخير الندى ما سح وابله نقدا
وله يصف خاتماً:
وممنطق من نفسه ... بقلادة الجوزاء حسنا
متألف من غير أسر ... ته على الأيام خدنا
كمتيم لقي الحبي ... سب فضمه شغفاً وحزنا
علق سني قدره ... لكن من أهداه أسنى
نام کتاب : نور الطرف ونور الظرف نویسنده : الحُصري القيرواني جلد : 1 صفحه : 41