هو وأصحابه، وأخذوا بوصيته بالتزام السنة والجماعة، والحذر من الفرقة والبدع ومحدثات الأمور، ولا يزالون على الحق والسنة، ظاهرين بحمد الله وسعوا إلى نيل أسمى المطالب وهي محبة الله تعالى ورضاه التي لا تدرك إلا بمحبة الرسول صلى الله عليه وسلم واتباعه كما أمر الله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: 31] [سورة آل عمران، آية (31) .] فالإمام محمد بن عبد الوهاب - وهو أحد أئمة السنة - وأتباعه وسائر أهل السنة اليوم - وقبل وبعد - إنما هم على أثر السلف الصالح، في تحقيق ما أمر الله به من الإيمان برسول الله صلى الله عليه وسلم ومحبته وتوقيره واتباع سنته والدعوة إليها وحماية حقوقه صلى الله عليه وسلم، وحقوق آله وصحابته وزوجاته أمهات المؤمنين والإيمان كشفاعته وحوضه.
وأنه صلى الله عليه وسلم أفضل الخلق أجمعين، وخاتم النبيين والمرسلين.
وأن من توقيره وتعظيمه ألا يرفع إلى مقام الربوبية والألوهية ونحوها مما هو من خصائص الرب عز وجل.
فالذين اتهموا الإمام وأتباعه ويسمونهم (الوهابية) بأنهم ينتقصون من حق النبي صلى الله عليه وسلم أو يبغضونه، أو ينكرون شيئًا من فضائله أو حقوقه، ونحو ذلك من المزاعم.
إنما قالوا بهتانًا وزوراً، والناظر في حقيقة الأمر يعلم بداهة أنه ما يفتري ذلك إلا جاهل، أو مبتدع، أو مقلد على غير بصيرة، وحاسد ومغرض، أو صاحب هوى أضله هواه عن سبيل الحق، كما سيأتي بيانه في الفصل الثالث.
إن هذه المفتريات ونحوها كلها تخالف الحقيقة والواقع، والبرهان الساطع فقد أفصح الإمام محمد بن عبد الوهاب وعلماء الدعوة عن إيمانهم بسائر الحقوق المشروعة لرسوله صلى الله عليه وسلم دون تفريط في مقامه اللائق به صلى الله عليه وسلم ودون إفراط ولا إطراء امتثالًا لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم إنما أنا عبد الله ورسوله» [1] .
قال الإمام محمد بن عبد الوهاب: «والرسل: عليهم البلاغ المبين؛ وقد بلَّغوا البلاغ المبين؛ وخاتم الرسل محمد صلى الله عليه وسلم أنزل الله عليه كتابه مصدقًا لما بين يديه من الكتاب، [1] البخاري رقم (3445) ، ومسلم (1691) ، وأخرجه أحمد في المسند برقم (154) ، ورقم (164) ، وقال المحقق: إسناده صحيح على شرط الشيخين.