القربان إلا له، ولا يُنذر إلا له، ولا يخاف خوف السر إلا منه وحده، ولا يُتوكل إلا عليه ولا يستعان ولا يستعاذ إلا به، وليس لأحد من الخلق شيء من ذلك لا الملائكة ولا الأنبياء ولا الأولياء، ولا الصالحين ولا غيرهم فلله حق، لا يكون لغيره، وحقه تعالى: إفراده بجميع أنواع العبادة، فلا تأله القلوب محبة وإجلالاً وتعظيمًا وخوفًا ورجاء، إلا الله فهذه هي الحكمة الشرعية الدينية والأمر المقصود في إيجاد البرية» .
وبعد أن شرح هذا المبدأ، واستدل له من القرآن والسنة قال: «ومن كان له معرفة بما بعث الله به رسوله، علم: أن ما يفعل عند القبور، من دعاء أصحابها والاستغاثة بهم، والعكوف عند ضرائحهم والسجود لهم، والنذر لهم أعظم وأكبر من فعل الذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون الله، وأقبح وأشنع من قول الذين قالوا اجعل لنا ذات أنواط، كما لهم ذات أنواط.
قال بعض العلماء المحققين، - رحمه الله - تعالى: فإذا كان اتخاذ هذه الشجرة، لتعليق الأسلحة والعكوف عليها اتخاذ إله، مع أنهم لا يعبدونها ولا يسألونها فما الظن بالعكوف حول القبر، والدعاء به، ودعائه والدعاء عنده؟ فأي نسبة للفتنة بشجرة إلى الفتنة بالقبر، لو كان أهل الشرك والبدع يعلمون؟ انتهى.
ولقد حمى النبي صلى الله عليه وسلم جناب التوحيد، وسد الذرائع، التي تُفضي إلى الشرك والتنديد، فقال فيما صح عنه صلى الله عليه وسلم: «اللهم لا تجعل قبري وثنًا يُعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» [1] ونهى عن إيقاد السرج عليها، فقال صلى الله عليه وسلم: «لعن الله زائرات القبور، والمتخذين عليها المساجد، والسرج» [2] ونهى: أن تُتخذ عيدًا، ونهى عن البناء عليها، وأمر بتسويتها بالأرض، كما روى مسلم في صحيحه، عن أبي الهياج الأسدي، قال: قال لي علي - رضي الله عنه - ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أن لا تدع [1] رواه مالك: كتاب الصلاة، باب الصلاة (261) . [2] رواه الترمذي (320) ، وأحمد (2030، 2603، 2986، 3118) ، وأبو داود (3236) ، والنسائي (2405) .
والحديث صححه الألباني بدون لفظة «السرج» راجع: أحكام الجنائز.