تمثالًا إلا طمسته، ولا قبرًا مشرفًا إلا سويته [1] ونهى: عن تجصيص القبور، وعن الكتابة عليها.
فنحن: ننكر الغلو في أهل القبور، والإطراء، والتعظيم؛ ونهدم البنايات، التي على قبور الأموات؛ لما فيها من الغلو، والتعظيم الذي هو أعظم وسائل الشرك بالله، وهذه الأمور التي أوجبت عبادتها من دون الله: ابتدعها أناس، أرادوا بها التعظيم، وإظهار تشريفهم، فجاء من بعدهم، فعبدوهم من دون الله، وقصدوا منهم كشف المُلِمات، وسألوهم قضاء الحاجات، وتفريج الكربات، وإغاثة اللهفات؛ واعتقدوا هذا الشرك الوخيم، قربة ودينًا يدينون به، واشتد نكيرهم على من أنكر ذلك، وحذروا عنه، ورموه بالزور والبهتان؛ والله ناصر دينه في كل زمان، ومكان لكنه يمتحن حزبه، بحربه منذ كانت الفئتان» [2] .
[الشفاعة والتوسُل والتبرك ودعوى منعها]
دعوى منعهم الشفاعة والتوسل والتبرك مطلقا: التوسل والتبرك والشفاعة من الأمور الكبيرة التي أثارها الخصوم من أهل البدع والأهواء والافتراق على أهل السنة والجماعة منذ زمن بعيد؛ ثم لما ظهر الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب، ودعا إلى السنة وأنكر البدع، وكان أشهرها وأظهرها إنكار التوسلات البدعية والتبرك البدعي والغلو في باب الشفاعة.
وهذه الأمور أغلب مسائلها تتفرع عن القضية الكبرى التي سبق الحديث عنها وهي قضية: التوحيد وما ينقضه وما ينافيه.
وقد أشاع خصوم السنة -من أهل البدع - حول هذه المسائل شبهات كثيرة وافتروا على أهل السنة عمومًا، وعلى الإمام محمد بن عبد الوهاب وأتباعه على الخصوص مفتريات ومزاعم كبيرة.
فزعموا أنهم يمنعون التوسل والتبرك والشفاعة مطلقًا.
وأنهم بناء على ذلك ينتقصون الرسول صلى الله عليه وسلم وربما قالوا: يبغضونه؛ وأنهم بناء على ذلك يبغضون الأنبياء والصالحين ويكرهون الأولياء! . [1] أخرجه أحمد في المسند برقم (71) ، ومسلم برقم (969) وغيرهما، كما صح عنه أنه نهى عن البناء على القبور. [2] الدرر السنية (1 - 571) .