ضد الدعوة أن زعموا أن أهلها يهينون الأولياء والأموات، ولا يعظمونهم.
وهذا تلبيس فإن كان القصد بتعظيم الأولياء والأموات واحترامهم كما جاء به السنة؛ من زيارتهم والسلام عليهم والدعاء لهم، واحترام قبورهم وعدم إهانتها، ونحو ذلك فهذا ما يدين به أهل السنة ويعملون به، ومنهم الإمام محمد بن عبد الوهاب وأتباعه.
أما إن قصد بذلك تقديسهم ورفعهم إلى مقام الألوهية والربوبية، وصرف شيء من العبادة لهم، أو اتخاذ البدع والمحدثات حول قبورهم من البناء عليها وإسراجها وتجصيصها، والتبرك بها، واتخاذها مساجد وقبابا ومشاهد، فهذا ونحوه إهانة للأولياء والمؤمنين، ومشاقة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
يقول الشيخ سليمان بن الإمام محمد في ذلك: «وأما تعظيم القبور بمعنى احترامها، فإن كانت للمسلمين فواجب لا يجوز بول ولا تغوط ولا جلوس ووطء عليها لما في صحيح مسلم عن أبي مرثد الغنوي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها» [1] وفيه أيضًا أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا قد اتكأ على قبر فقال: «لا تؤذوا صاحب القبر» [2] وفيه أيضًا عن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر مسلم» [3] .
وأما تعظيمها بمعنى عبادتها فهو أكبر الكبائر عند الخاص والعام، وأصل فتنة عُبَّاد الأصنام كما قاله السلف من الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين الذين في قلوبهم وقار لله فيغضبون لأجله ويغارون على توحيده ويقبحون الشرك وأهله ويجاهدون أعداء الله من [1] رواه مسلم (2250) ، وأبو داود (3229) ، والترمذي (1050) ، والنسائي (2029) . [2] هذا الحديث ليس في صحيح مسلم بل رواه الطبراني في الكبير من حديث عمارة بن حزم قال أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسًا على قبر، فقال: «يا صاحب القبر! انزل من على القبر لا تؤذ صاحب القبر ولا يؤذك» وفي سنده ابن لهيعة وفيه كلام، وقد وُثِّقَ كذا قال في المجمع (3) , [3] الذي في صحيح مسلم (2248) بدون قوله "مسلم" في آخر الحديث، وأبو داود (3228) ، والنسائي (2046) ، وابن ماجه (1566) ، لكن روى ابن ماجه (1567) عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لأن أمشي على جمرة أو سيف أو أخصف نعلي برجلي أحب إليّ من أن أمشي على قبر مسلم وما أبالي أوسط القبور قضيت حاجتي أو وسط السوق» .