عليها» قال الترمذي حديث حسن صحيح [1] .
وهؤلاء يتخذون عليها الألواح ويكتبون عليها القرآن والأشعار ويعلقون عليها بيض النعام وقناديل الفضة والرخام، فهؤلاء المعظمون للقبور المتخذونها أعياداً، الموقدون عليها السرج الذين يبنون عليها المساجد والقباب، مناقضون لما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم، محادُّون لما جاء به، وأعظم ذلك اتخاذها مساجد وإيقاد السرج عليها، وهو من الكبائر.
ومن يزعم أنا نُكَفِّر بمجردها فهو كاذب جائر، إنما نُكَفِّر بالشرك الذي لا يُغْفَر، وهو دعاؤها ورجاؤها والاستغاثة بها وذبح القربان والنذر لها لتدفع سوءًا أو تجلب خيرًا، أو تكون واسطة في ذلك.
نعم نحن نهدم القباب التي على القبور، ونأمر بهدمها كما هدم النبي صلى الله عليه وسلم قبة اللات في الطائف، وأمر علي - رضي الله عنه- بهدمها وخفض القبور المشرفة مطلقًا وتسويتها، وقد أمر به وفعله الصحابة والتابعون والأئمة المجتهدون.
قال الشافعي في الأم ورأيت الأئمة بمكة يأمرون بهدم ما يبنى على القبور [2] . ويؤيد الهدم قوله: «ولا قبرًا مشرفًا إلا سويته» ، وحديث جابر المتقدم ذكره الذي في صحيح مسلم؛ ولأنها أسست على معصية لنهيه، فبناءٌ أُسِّس على معصيته ومخالفته بناء غير محترم، وهو أولى بالهدم من بناء الغاصب قطعا، وأولى من هدم مسجد الضرار المأمور بهدمه شرعاً؛ إذ المفسدة هنا أعظم حماية للتوحيد.
وأما هذه الكبائر فقد صرح الفقهاء من أصحاب مالك وأحمد وأبي حنيفة والشافعي وغيرهم من الصحابة والتابعين على تحريمها، وأنها بدعة نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها، قال أبو محمد المقدسي: لو أبيح اتخاذ السرج عليها لم يلعن من فعله؛ ولأن فيه تضييعًا للمال في غير فائدة، وإفراطًا في تعظيم القبور أشبه تعظيم الأصنام، هذا وبيوت الله ظلمات لا يوقد فيها نور، بل يرون أن الفضل عليها في ذلك القبور، وقد آل الأمر بهؤلاء المعتقدين تعظيم القبور تعظيم عبادة للاحترام في الصدور إلى أن شرعوا لها حجًّا ووضعوا له وقتًا [1] رواه أبوداود (32205) (3226) ، والترمذي (1052) وزاد «أن توطأ» . [2] انظر: كتاب الأم (1) .