وجعلوه أضعاف حج بيت الله الحرام سبعاً.
هذا قبر ابن علي الذي في مرباط في بلاد اليمن قد شاع عند الخاص منهم والعام أن زيارته والتبتل إليه في رجب تعدل سبع حجات [1] .
وكذا الزيلعي الذي في اللحية قد شاع عندهم وذاع أن من مات فيها ودفن حوله في تلك البلاد أنه في لحيته ليس عليه حساب ولا عذاب.
وكذا قبر العيدروس الذي في عدن.
وكذا قبر الشاذلي في المخا؛ فإن أهل البر والبحر ليس لهم لهجة في الشدة والرخاء إلا بذكره زاعمين أنهم في أمانه وتحت نظره، وأنه يُغيث من دعاه في الشدة نائيًا كان، أو قريبًا في البر أو في البحر.
حتى صنَّف بعض غلاتهم في ذلك كتابًا سماه «مناسك حج مشاهد الأبرار لمن عني إليهم من المقيمين والزوّار» ، وصنف بعضهم كتابًا سماه «روضة الأبرار في دعوة الأولياء الأخيار عند الشدائد المدلهمة الغزار» ، ولا يخفى أن هذا بعينه مفارق دين الإسلام والدخول في عبادة الأصنام.
ومن نظر منصفًا بإخلاص إلى هذا التباين العظيم في هؤلاء المعتقدين من الناس عن الدين القويم والصراط المستقيم ماز وفرّق بين ما شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقصده من النهي عما تقدم ذكره في القبور والاعتقاد وجاهد عليه وبين ما شرعه هؤلاء وقصدوه واعتقدوا فيه ودعوه ودعوا إليه، وحينئذ يحق أنَّا إنما ندعو إلى صراط مستقيم، صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض، ألا إلى الله تصير الأمور، ويحقق تلك المفاسد الناشئة من خبث العقائد التي يعجز العادّون عن حصرها، وتشمئز قلوب العارفين لذكرها.
فمنها: تعظيمها الموقع في الافتتان بها من العكوف عليها والمجاورة عندها وتعليق الستور، والألواح وبيض النعام وقناديل الفضة والرخام عليها، وسدنتها وعبادها يرجحون المجاورة عندها على المجاورة عند البيت والمسجد الحرام، ويرون أن سدانتها أفضل من خدمة المساجد، والويل عندهم لِقَيِّمِهَا ليلة يطفأ القنديل المعلق عليها. [1] وهذا من الكذب والافتراء على الله وعلى رسوله.