أما المسألة الأولى - وهي: هل ابن صياد هو الدجال؟ - فقد اختلف العلماء في ذلك اختلافا شديدا، واضطربت فيه الروايات والآراء، وقبل الدخول في ذكر أقوال العلماء في ذلك أحب أن أشير إلى بعض الروايات الواردة في شأنه، من ذلك: رواية عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - «أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه انطلق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رهط قبل ابن صياد حتى وجده يلعب مع الصبيان عند أطم بني مغالة، وقد قارب ابن صياد يومئذ الحلم، فلم يشعر حتى ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ظهره بيده، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن صياد: " أتشهد أني رسول الله "؟ فنظر إليه ابن صياد، فقال: أشهد أنك رسول الأميين، فقال ابن صياد لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أتشهد أني رسول الله؟ فرفضه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: " آمنت بالله وبرسله "، ثم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ماذا ترى "؟ قال ابن صياد: يأتيني صادق وكاذب، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " خلط عليك الأمر "، ثم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إني خبأت لك خبيئا " فقال ابن صياد: هو الدخ [1] فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اخسأ فلن تعدو قدرك ". فقال عمر بن الخطاب: ذرني يا رسول الله أن أضرب عنقه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن يكنه فلن تسلط عليه، وإن لا يكنه فلا خير لك في قتله» [2] .
وقال سالم بن عبد الله: سمعت عبد الله بن عمر يقول: «انطلق بعد ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بن كعب الأنصاري إلى النخل التي فيها ابن صياد حتى [1] الدخ: هو الدخان، وفسر في الحديث أنه أراد بذلك يوم تأتي السماء بدخان مبين. النهاية في غريب الحديث (2 / 107) . [2] أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب الفتن وأشراط الساعة (4 / 2244) .