ويقول الحافظ ابن رجب - رحمه الله -: " وبالشام ينزل عيسى ابن مريم في آخر الزمان، وهو المبشر بمحمد صلى الله عليه وسلم ويحكم به ولا يقبل من أحد غير دينه، فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويصلي خلف إمام المسلمين ويقول: إن هذه الأمة أئمة بعضهم لبعض " [1] .
وأما مدة بقاء عيسى عليه السلام إذا نزل: ففي بعض الروايات أنه يمكث سبع سنين، وفي الروايات الأخرى أنه يمكث أربعين عاما ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون، ففي حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «فيبعث الله عيسى ابن مريم. . . ثم يمكث الناس سبع سنين ليس بين اثنين عداوة، ثم يرسل الله ريحا باردة من قبل الشام فلا يبقى على وجه الأرض أحد في قلبه مثقال ذرة من خير أو إيمان إلا قبضته» [2] .
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه السابق: «ثم يمكث في الأرض أربعين سنة، ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون» .
وقد جمع الحافظ ابن كثير - رحمه الله - بين الروايتين فقال: " هكذا وقع في الحديث: أنه يمكث أربعين سنة، وثبت في صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو أنه يمكث في الأرض سبع سنين، فهذا مع هذا مشكل، اللهم إلا إذا حملت هذه السبع على مدة إقامته بعد نزوله، وتكون مضافة إلى مدة مكثه فيها قبل رفعه إلى السماء، وكان عمره إذ ذاك ثلاثا وثلاثين سنة على المشهور، والله أعلم " [3] .
وقد عارض السفاريني هذا الجمع فقال بعد أن ذكره بدون عزو: وهذا - والله أعلم - ليس بشيء لما مر من حديث عائشة عند الإمام أحمد وغيره «فيقتل الدجال، ثم يمكث عيسى في الأرض أربعين سنة» ، ثم حكى عن البيهقي أنه [1] لطائف المعارف ص (90) . [2] أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب الفتن وأشراط الساعة (4 / 2258) . [3] النهاية في الفتن والملاحم (1 / 193) .