اعتمد رواية " أربعين "، كما نقل عن السيوطي أنه ذهب إلى ترجيحها؛ لأن زيادة الثقة يحتج بها، ولأنهم يأخذون برواية الأكثر ويقدمونها على رواية الأقل لما معها من زيادة العلم، ولأنه مثبت والمثبت مقدم [1] .
وقال البرزنجي: " إن القليل لا ينافي الكثير " [2] .
ولعل الراجح أن يقال: إن رواية " أربعين سنة " هي المعتمدة؛ لأنها رواية الأكثر، كما أشار إلى ذلك السفاريني، ولعل هذه السنين تمر كأنها سبع سنين، ويستأنس لذلك بما رواه عبد بن حميد عن أبي هريرة رضي الله عنه في تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ} [الزخرف: 61] [3] . قال: خروج عيسى، يمكث في الأرض أربعين سنة، وتكون تلك الأربعون كأربع سنين، يحج ويعتمر [4] . والله أعلم.
[المسألة الرابعة الأحاديث الواردة في نزول عيسى عليه السلام متواترة]
المسألة الرابعة: الأحاديث الواردة في نزول عيسى عليه السلام متواترة سبق ذكر بعض الأحاديث الواردة في نزول عيسى عليه السلام، وهي تدل دلالة واضحة على ثبوت نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان، ولا حجة لمن ردها أو قال: إنها أحاديث آحاد لا تقوم بها الحجة أو أن نزوله ليس عقيدة من عقائد المسلمين التي يجب عليهم أن يؤمنوا بها؛ لأنه إذا ثبت الحديث وجب الإيمان به وتصديق ما أخبر به الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم ولا يجوز لنا رد قوله لكونه حديث آحاد؛ لأن هذه حجة واهية؛ لأن حديث الآحاد إذا صح وجب تصديق ما فيه، وإذا قلنا إن حديث الآحاد ليس بحجة، فإننا نرد كثيرا من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويكون ما قاله عليه الصلاة والسلام عبثا لا معنى له، كيف والعلماء قد نصوا على تواتر الأحاديث في نزول عيسى عليه السلام. [1] لوامع الأنوار البهية (2 / 99) . [2] الإشاعة ص (304) . [3] سورة الزخرف، الآية: 61. [4] انظر: الدر المنثور: (6 / 20) .