رضي الله عنهما قال: «قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا بموعظة فقال: " يا أيها الناس إنكم تحشرون إلى الله حفاة عراة غرلا [1] {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} [الأنبياء: 104] [2] ألا وأن أول الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم عليه السلام» [3] . فمن أين للذين يبعثون بعد الموت حفاة عراة حدائق يدفعونها في الشوارف، أو أبعرة يركبها من يساق من الموقف إلى الجنة، إن هذا في غاية البعد [4] .
وبهذا يتبين أن الحشر الوارد في الأحاديث السابقة إنما يكون في الدنيا قبل يوم القيامة، أما حشر يوم القيامة فقد بينه حديث ابن عباس السابق، فمن ذهب إلى خلاف ذلك فقد أخطأ وجانب الحق والصواب - والله أعلم.
قال الحافظ ابن رجب - رحمه الله -: " فأما شرار الخلق فتخرج نار في آخر الزمان تسوقهم إلى الشام قهرا حتى تجمع الناس كلهم بالشام قبل قيام الساعة " [5] .
وقد سبق التنبيه إلى أن هذه النار غير النار التي خرجت في المدينة والتي تعد من الأشراط الصغرى، والله أعلم. [1] جمع أغرل، وهو من بقيت غرلته، وهي الجلدة التي يقطعها الخاتن من الذكر: النهاية في غريب الحديث (3 / 362) . [2] سورة الأنبياء، الآية: 104. [3] أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الرقاق (7 / 194) ، ومسلم في صحيحه: كناب الجنة وصفة نعيمها (4 / 2194) . [4] انظر: النهاية في الفتن والملاحم لابن كثير (1 / 230 - 231) ، وفتح الباري لابن حجر (11 / 384) . [5] لطائف المعارف لابن رجب (90) .