وتجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه مهلكتي، ثم تنكشف فيقول المؤمن هذه هذه، فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة، فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه. . .» الحديث [1] . وقد أرشد صلى الله عليه وسلم المسلمين إلى ما يعصمهم من هذه الفتن والشرور والآثام فأمرهم بالتعوذ بالله منها وبالابتعاد عنها مع المبادرة بالأعمال الصالحة والإيمان الصحيح بالله واليوم الآخر ولزوم جماعة المسلمين.
ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن» [2] .
وعن حذيفة رضي الله عنه قال: «كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أساله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ ، قال: " نعم "، قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: " نعم، وفيه دخن "، قلت: وما دخنه؟ قال: " قوم يهدون بغير هدي، تعرف منهم وتنكر "، قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: " نعم، دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها "، قلت: يا رسول الله صفهم لنا؟ قال: " هم من جلدتنا ويتكلمون بسنتنا "، قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: " تلزم جماعة المسلمين وإمامهم "، قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: " فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك» [3] . إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة التي يطول حصرها وسردها في هذا المكان، وكلها دالة على هذا الأمر العظيم الذي نبه عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحذر أمته من عاقبته، وأرشدهم إلى ما يعصمهم من هذه الشرور والآثام بالتعوذ منها والابتعاد عنها مع صحة الإيمان بالله تعالى واتباع أمره ونهيه ولزوم جماعة المسلمين أهل السنة والجماعة، وإن كانوا في ضعف وقلة عدد. [1] أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب الإمارة (3 / 1472) . [2] أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب الجنة وصفة نعيمها (4 / 2200) . [3] أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الفتن: (8 / 93) .