وجعلوا ذلك قاعدة كلية للجرح.
قال ابن رجب: "قاعدة الفقهاء المعتنين بالرأي، حتى يغلب عليهم الاشتغال به، لا يكادون يحفظون الحديث كما ينبغي، ولا يقيمون أسانيده ولا متونه، ويخطئون في حفظ الأسانيد كثيرا ويروون المتون بالمعنى، ويخالفون الحفاظ في ألفاظه، ربما يأتون بألفاظ تشبه ألفاظ الفقهاء المتداولة بينهم، وقد اختصر شريك حديث رافع بن خديج في المزارعة، فأتى فيه بعبارة أخرى فقال: "من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فليس له من الزرع شيء وله نفقته" [1].
= يخطئ في أسماء الرجال لتشاغله بحفظ المتون"، كما قال ابن حجر في تهذيب التهذيب 4/302، ولم أجده في المطبوع من العلل. [1] هذا الحديث بهذا اللفظ أخرجه: أحمد 4/141، وأبو داود: كتاب البيوع باب زرع الأرض بغير إذن صاحبها 3/692 ح3403، والترمذي: كتاب الأحكام باب ما جاء فيمن زرع في أرض قوم بغير إذنهم 3/639 ح1366، وابن ماجه: كتاب الرهون باب من زرع في أرض قوم بغير إذنهم 2/824 ح2466.
جميعهم من طريق عطاء بن رافع بن خديج.
قال الخطابي: "هذا الحديث لا يثبت عند أهل المعرفة بالحديث، وحدثني الحسن بن يحيى عن موسى بن هارون الحمال: أنه كان ينكر هذا الحديث ويضعفه ويقول: لم يروه عن أبي إسحاق غير شريك، ولا عن عطاء غير أبي إسحاق..وعطاء لم يسمع من رافع بن خديج شيئا وضعفه البخاري أيضا، وقال: وتفرد بذلك شريك عن أبي إسحاق وشريك يهم كثيرا أو أحيانا".
قلت: حديث المزارعة المروي عن رافع بن خديج له طرق عنه منها رواية ابن عمر عنه وفيها أن أبا جعفر الخطمي قال: بعثني عمي أنا وغلاما له إلى سعيد بن المسيب قال فقلنا له: شيء بلغنا عنك في المزارعة قال: كان ابن عمر لا يرى بها بأسا حتى بلغه عن رافع بن خديج حديث، فأتاه فأخبره رافع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بني حارثة فرأى زرعا في أرض ظهير قالوا: ليس لظهير، قال: أليست أرض ظهير؟ قالوا: بلى، ولكنه زرع فلان، قال: فخذوا زرعكم =