والصلاة والحج والطلاق والحلال والحرام ولم يختصموا في الدين، ولم يتنازعوا فيه فاقتصروا على تقوى الله والزموا ما جرت به السنة، وكفيتم فيه المؤنة، ودعوا ما أحدث المحدثون من التنازع في الدين والجدال فيه والمراء؛ فإن لزوم السنة عصمة بإذن الله تعالى لمن لزمها، والذي سنّها كان أعلم بما في خلافها من الأخطاء والزلل. وقد أنزل الله عزَّ وجلَّ في كتابه: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ} "سورة الأنعام: الآية68".
ولو شاء أنزل في ذلك جدلا وحجاجا، ولكنه أبى ذلك ونهاهم؛ فقال تعالى: {فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ} "سورة النساء: الآية140".
وقال تعالى: {فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ} "سورة آل عمران: الآية20".
ولم يقل: وحاجهم [1].
وقال أبو يوسف: "العلم بالكلام يدعو إلى الزندقة" [2].
وقال: "لا تطلبن ثلاثا بثلاث: لا تطلبن الدين بالخصومات فإنه لم يمعن فيه أحد إلا قيل زنديق، ولا تطلب المال بالكيمياء فإنه لم يمعن فيه أحد إلا أفلس، ولا تطلب الحديث بكثرة الرواية حتى تأتي بما لا يعرف فيقال كذاب" [3].
وفي رواية أخرى قال: "من طلب الدين بالكلام تزندق، ومن طلب [1] فضائل أبي حنيفة وأصحابه لابن العوام ص88. [2] الإبانة الكبرى ص538. [3] الحجة في بيان المحجة ص23.