المبحث الثاني: مناظرة الإمام أبي حنيفة للملاحدة في إنكارهم الخالق ونقده لطريقة المتكلمين في تقرير الربوبية.
1- مناظرة الإمام أبي حنيفة للملاحدة في إنكارهم الخالق
لم يعرف الإلحاد قديما مذهبا ظاهرا موجودا بين أجناس البشر، اللهم إلا من شرذمة قليلة من الدهرية [1]، الذين يجحدون الخالق المدبر العالم القادر، ويزعمون أن العالم يسير بنفسه بلا خالق، ويقولون ببقاء الدهر. قال الله تعالى إخبارا عنهم: {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ} "سورة الجاثية: الآية24".
فمع إنكارهم للخالق، أنكروا البعث والنشور، وكذبوا الرسل من غير دليل لهم ولا برهان.
هذا وقد كانت تعقد مناظرات بين الإمام أبي حنيفة وبعض هؤلاء الملاحدة منها:
أن قوما منهم أرادوا البحث معه في تقرير توحيد الربوبية فقال لهم: [1] انظر كتاب نهاية الإقدام ص123؛ ومجموع الفتاوى 7/638.