{قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} "سورة إبراهيم: الآية10".
فالفطرة السليمة مجبولة على الإقرار بوجود الرب الخالق، والإيمان به تعالى مغروزٌ في طبيعة البشر وفي شعور كل عاقل وضميره، وذلك لما وقر في نفوسهم من عجز المخلوقين عن الخلق والرزق والتدبير والملك. "فدلالة الفطرة على وجود الخالق مركوزة في كل نفس مؤمنة أو كافرة، والنفوس بطبعها تحسها وتشعر بها وإن غابت عنها في بعض الأحيان لسبب طارئ، فسرعان ما تجد نفسها مضطرة إلى اللجوء إليه عند الشدائد. ولو لم تكن النفوس مفطورة على هذه المعرفة لما تطلعت إليها بل لم تكن مطلوبة لها وصدق هذا ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه" [1]، ولم يقل يسلمانه لأن الإسلام موافق للفطرة [2].
هذا وقد رجح كثير من السلف أن معرفة الله تعالى ممكنة بالفطرة من غير دليل، بمعنى أنه لو ولد إنسان بعيدا عن الناس، ولم تفسد فطرته بتعليم أبويه أو البيئة التي يعيش فيها؛ لأمكن أن يعرف الله بفطرته الصافية وبمساعدة عقله وتفكيره فيما خلق الله [3]. [1] أخرجه البخاري: كتاب الجنائز باب إذا أسلم الصبي فمات هل يصلّى عليه؟ 3/219 ح1359. ومسلم: كتاب القدر باب معنى كل مولود يولد على الفطرة 4/2047 ح2658، كلاهما من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة. [2] انظر بحث دليل الفطرة في درء التعارض 8/354، 368؛ وكتاب ابن تيمية وموقفه من التأويل ص330. [3] انظر كتاب العقائد السلفية شرح الدرر السنية ص53 بتصرف.