ومن أعظم ما يدل على فساد هذه الطريقة أنها هي التي نفيت بها الأفعال الاختيارية، بل نفت الجهمية عن الله سائر صفاته، وهي ثابتة بالسمع والعقل، فأسماؤه وصفاته حق، وكل ما يدل على نفي الحق فهو باطل قال ابن القيم: "فلزمهم من سلوك هذه الطريق إنكار كون الرب تعالى فاعلا في الحقيقة وإن سموه فاعلا بألسنتهم فإنه لا يقوم به عندهم فعل، وفاعل بلا فعل كقائم بلا قيام، وضارب بلا ضرب، وعالم بلا علم، وضم الجهمية إلى ذلك أنه لو قام به صفة لكان جسما، ولو كان جسما لكان حادثا، فيلزم من إثبات صفاته إنكار ذاته فعطّلوا صفاته وأفعاله" [1].
وكذلك يستدل أبو منصور الماتريدي بدليل آخر هو:
ما في العالم من حكم عجيبة ونظام دقيق وتناسق بديع وكل هذا يدل على أن للعالم خالقا مدبرا حكيما [2].
ومن هنا يتفق مع الإمام أبي حنيفة في الاستدلال بالمخلوق على الخالق ويختلف معه في الاستدلال بحدوث الأجسام المبني على حدوث الأعراض.
ثانيا ـ التوحيد
ويتناول أنواع التوحيد وأول واجب على المكلف.
"أ" أنواع التوحيد:
التوحيد عند الإمام أبي حنيفة معروف بأقسامه وقد تقدم بيانه. [1] مختصر الصواعق 1/199-200. [2] انظر كتاب التوحيد ص21-23، 29.