وأما إثباتهم [1] لصفة الإرادة فليس كإثبات أبي حنيفة والسلف.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وإثبات إرادة كما ذكروه لا يعرف بالشرع ولا بالعقل بل هو مخالف للشرع والعقل، فإنه ليس في الكتاب والسنة ما يقتضي أن جميع الكائنات حصلت بإرادة واحدة بالعين تسبق جميع المرادات بما لا نهاية له وكذلك سائر ما ذكروه" [2].
أما صفة الكلام فقد تظاهروا بإثباتها، ولكنهم في الحقيقة من أشدّ الناس تعطيلا لها، وتحريفا لنصوصها؛ لأنهم لم يثبتوا الكلام الذي دلّ عليه الدليل من الكتاب والسنة، بل أثبتوا لله سبحانه وتعالى ما يسمونه بالكلام النفسي الذي لا يسمع وليس بحرف ولا صوت [3].
بل ليس إلا صفة للأخرس فلا يعرف هذا ـ أي الكلام النفسي ـ وأول من أحدثه ابن كلاب ثم تبعه الماتريدية والأشعرية [4]. أما صفة التكوين فهي عندهم مرجع لجميع الصفات الفعلية المتعدّية؛ كالإحياء والإماتة والتخليق وهي إخراج المعدوم من العدم إلى الوجود. فهم وإن تظاهروا بإثبات هذه الصفة لكنهم في الحقيقة لا يعتبرونها صفة حقيقية لله [1] قال شارح العقيدة النسفية: "أمر وناهٍ ومخبر يعني أنه صفةٌ واحدة تتكثّر بالنسبة إلى الأمر والنهي والخبر باختلاف التعلقات كالعلم والقدرة وسائر الصفات فإن كلا منها واحدة قديمة والتكثّر والحدوث إنما هو في التعلقات والإضافات كما أن ذلك أليق بكمال التوحيد" شرح العقائد النسفية ص55-56. [2] درء تعارض العقل والنقل 8/283. [3] انظر كتاب التوحيد للماتريدي ص58-59؛ وتبصرة الأدلة 118/ب؛ والبداية من الكافية ص60-61؛والعقائد النسفية ص53-58؛ وأصول الدين للبزدوي ص61؛ وإشارات المرام ص138-139؛ وبحر الكلام ص29-30. [4] انظر المواقف ص293؛ والإنصاف 96-97؛ والإرشاد ص128-137.